خاص || أثر برس
لن ينتهي الدوري السوري الممتاز لكرة القدم للرجال إلا ونكون قد دخلنا موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية في تغيير المدربين، وقد أصبح الأمر ظاهرة وسمة نتميز بها عن غيرنا في ظل عدم وجود ضوابط تضمن حق الطرفين النادي أو المدرب.
الأندية أصبحت مقاصل للمدربين، فكثير منها غير جلده التدريبي وبعضها لأكثر من مرة خلال هذه الموسم فقط.
والملاحظ أن جميع من غيّر مدربه ما زال بعيداً عن موقع المنافسة، ومنها من يصارع للنجاة من الهبوط، فيما نجد أن من حافظ على مدربيه بقي في مواقع المنافسة كالوثبة وتشرين صاحبي المركزين الأول والثاني على سلم ترتيب الدوري.
الوحدة أحد أعرق الأندية السورية استبدل مدرب الفريق 3 مرات، فبعد المدرب ماهر بحري تم التعاقد مع المدرب عساف خليفة، وبعد الخليفة جاء مازن زيتون ثم خلف الزيتون المدرب ضرار رداوي.
فريق عفرين العائد للأضواء بدأ الدوري مع المدرب المعروف أحمد هواش، ولم يحقق المطلوب فاستقال الهواش وتم تعيين أنس صاري الذي لم يكن بأفضل حال، ليأتي من بعده عبد القادر الرفاعي.
أما أزرق الدير الفتوة، الآزوري كما يحلو لعشاقه أن يسموه تيمناً بالمنتخب الإيطالي، فقد بدأ الدوري مع المدرب أنور عبد القادر ولم يطل له المقام، ليأتي من بعده المدرب أحمد الجلاد الذي ترك المهمة هو الآخر للمدرب أحمد عزام.
بدوره أزرق اللاذقية أو الحيتان فريق حطين لم يكن أفضل حالاً من غيره وكان لديه أيضاً تغييرات فنية، فبعد المدرب عبد الناصر مكيس تم تكليف سليم جبلاوي ولم يكن الحمل سهلاً عليه ولا على إدارته وهم يرون فريقهم يدخل دائرة الخطر، فاستعانوا بالمدرب أحمد هواش لإكمال المسيرة لعل وعسى أن يعيد للفريق البريق الذي فقده.
أيضاً أزرق حمص الكرامة طالته رياح التغيير الفني بعد ابتعاده عن المنافسة، فتم تعيين المدرب أيمن الحكيم مدرب المنتخب الوطني السابق عوضاً عن عبد القادر الرفاعي.
واستمرت ظاهرة تغيير المدربين تطال الفرق وخاصة تلك التي ترتدي الزي الأزرق ووصلت لنواعير حماة، فأبعدت خالد حوايني وتم تعيين محمد خلف عوضاً عنه ولم يكن بأفضل حال من سلفه فترك الفريق لياسر البني.
أزرق اللاذقية الثاني جبلة، حامل الكأس، ورغم النتائج الجيدة لفريقه الذي لم يخسر طيلة 12 مباراة إلا أن مدربه زياد شعبو فضّل الاستقالة بعدما شعر أن الظروف غير مناسبة له، تاركاً المهمة لمساعده علي بركات.
الجيش زعيم الأندية السورية وأكثر من فاز بالألقاب لم يقف موقف المتفرج من باقي الأندية وأصابته الغيرة، فبدأ مع أحمد عزام وانتقل لمحمد عقيل واستقر الآن على رأفت محمد.
عدوى الألوان انتقلت من صاحب القمصان الحمراء الجيش لجاره الشرطة وأيضاً للاتحاد، فالشرطة قام بتغيير مدربه محمد شديد وكلف عوضاً عنه حسام الرفاعي، أمام الاتحاد فبدأ الدوري مع أنس صابوني ليستقر حالياً مع معن الراشد.
بالأرقام:
17 مدرباً تم تغييرهم في 10 أندية حتى ما قبل انتهاء مرحلة الذهاب، أفضلها على سلم الترتيب الوحدة الذي يحتل المركز الثالث مع نهاية مرحلة الذهاب متخلفاً عن الوثبة المتصدر بفارق 9 نقاط وهو فارق كبير في دورينا ليس بالسهولة تعويضه.
وأسوأ الأندية من حيث النتائج وغير مدربيه هو عفرين الذي يملك 3 نقاط فقط ويحتاج الكثير من العمل وربما معجزة ليضمن بقاءه في الدوري خاصة وأن 4 أندية ستهبط للدرجة الأولى هذه الموسم.
أندية الوثبة وتشرين والطليعة والحرجلة حافظت على مدربيها وهي إما في موقع المنافسة أو ضمن الفرق المرتاحة إلى حد ما في سلم الترتيب باستثناء الحرجلة، وهذا يدل على أن الاستقرار الفني يؤدي الدور الكبير في استقرار النتائج والخيارات الصحيحة للمدربين قبل انطلاق المنافسات الرسمية وإعطائهم الصلاحيات اللازمة لبناء فرقهم تجعلهم بعيدين عن التخبطات.
الوثبة الذي اختار المدرب عمار الشمالي قبل الدوري ومنحه كافة الصلاحيات، يحتل الآن الصدارة بـ29 نقطة وبخسارة وحيدة ويملك أفضل خط هجوم وكذلك أفضل خط دفاع، وذات الأمر ينطبق على تشرين صاحب المركز الثاني برصيد 25 نقطة وله مباراة مؤجلة مع جبلة ستقام الجمعة في استاد الباسل باللاذقية، وفوزه بها يقلص الفارق إلى نقطة واحدة مع الوثبة، أما الطليعة فهو في المركز السابع برصيد 16 نقطة بفارق 4 نقاط عن صاحب المركز الثالث الوحدة، والحرجلة في المركز 11 برصيد 13 نقطة بفارق 4 نقاط عن جبلة صاحب المركز الخامس.
الحلول بيد اتحاد الكرة:
المدرب محمود فيوض رئيس اللجنة الفنية لكرة القدم في اللاذقية في حديثه مع موقع “أثر برس“، وجد أن معالجة هذه الظاهرة في الوقت الحالي صعب جداً لاعتبارات عديدة، منها عدم الاحتراف الحقيقي عند الإدارات والمدربين على حد سواء، بالإضافة إلى أن التأجيلات المستمرة في مسابقة الدوري سيزيد منها.
ورأى الفيوض أن أغلب المدربين جاهزين للعمل من خلال مكالمة هاتفية وبعقود وهمية وبدون دراسة لوضع الفريق الذي سيقومون بتدريبه، وهذا خطأ كبير قد يؤدي لإقالة المدرب بسرعة كما حدث مع أحدهم هذا الموسم حيث تمت إقالته بعد مباراتين فقط من تعيينه.
واعتبر فيوض أنه من الصعب معالجة هذه الظاهرة حالياً في ظل الظروف الراهنة والمستوى الهزيل للكرة السورية، سواء على صعيد الدوري والأندية أم على صعيد المنتخبات، بالإضافة للمزاجية والمحسوبيات التي تقود كرتنا.
وقال: “المدرب صاحب الشخصية القوية لا دور له، وحتى يكون كذلك يجب أن يكون لديه علاقات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلاقات مع أصحاب النفوذ في الأندية، ولذلك يجب وضع ضوابط تحمي المدربين من خلال العقود والعمل على تعيين إدارات للأندية تعمل بشكل احترافي كامل”.
من جانبه، طالب المدرب عبد الناصر مكيس خلال حديثه مع موقع “أثر برس”، اتحاد الكرة بتطبيق التجربة الأردنية بتغيير المدربين إن كان بسبب الاستقالة أو الإقالة.
وقال مكيس الذي درب فريق حطين مع بداية الموسم الحالي: “المدربون يعانون من عدم احتراف الإداريين لأن أغلبهم غير رياضي أوجدتهم الظروف المالية في الإدارات ويتدخلون بعمل المدرب ويحاولون فرض شروطهم عليه”.
وأضاف: “المدرب الذي يحترم نفسه وعمله لا يسمح لأحد بذلك، سيما وأن هناك شروطاً في العقد تحدد صلاحية وعمل كل طرف ومن حق الإدارة أن تقيّم عمل المدرب وتقيله حسب الاتفاق عند سوء النتائج”
ورأى المكيس أنه على اتحاد كرة القدم أن يضع ضوابطاً من خلال العقود مع المدربين وتحديد بنود، كأن يمنع الإدارة من إقالة المدرب عند أول خسارة أو لسبب شخصي بين المدرب وأحد الإداريين، وأن يضع شروطاً جزائية على الطرفين حتى لا يكون هناك تغيير سريع.
ونوه أن أغلب المدربين يتم إقالتهم بشكل مبطن والإعلان على أنها استقالة.
وأكد أنه على الإدارات الصبر على المدربين خاصة أولئك الذين يتم التعاقد معهم في منتصف الدوري أو بعد انطلاقه، لأن المدرب يحتاج وقتاً لفرض فكره التدريبي على اللاعبين وهو لا يملك عصاً سحرية لتغيير النتائج والأداء بسرعة.
ولفت إلى أن الشكاوى التي يتقدم بها المدربون إلى اتحاد الكرة تحتاج لوقت طويل حتى يتم البت فيها، ولا يتم تحصيل حقوق المدرب إلا عند توفر أموال للأندية ضمن الاتحاد.
وذكر بأن اتحاد الكرة الأردني لا يسمح لأي نادٍ بالتعاقد مع أي مدرب جديد لحين دفع كافة مستحقات المدرب السابق، وتمنى أن يقوم اتحاد الكرة السوري بتطبيق ذلك وعندما يفعل فإنه سيحد كثيراً من ظاهرة تغيير المدربين التي أصبحت ظاهرة غير مستحبة لا تليق بكرتنا.
محسن عمران