خاص|| أثر تواصل موقع “أثر” مع محامي الطفل جود سكر، الذي توفي نتيجة خطأ طبي بإحدى مستشفيات دمشق، لمعرفة أين وصل القضاء في قضية الطفل الضحية؟ وهل ستتم محاسبة الأطباء المقصرين؟.
حيث قال المحامي الأستاذ بسام عدنان قشمر، رئيس فرع نقابة المحامين في القنيطرة، لـ “أثر”: “لا نلاحظ ضمن عملنا كمحامين إلا المحاسبة بحالات نادرة تجاه الأطباء وتجاه المسؤولية الجزائية والعقوبات الجزائية، والموضوع له شقين: الشق الأول محاسبة الأطباء أمام نقابتهم أسوة بكل النقابات؛ فمن يخطىء خطأ مهني جسيم يحاسب أمام نقابته؛ ونقابة الأطباء لها مجلس مسلكي يرأسه قاضي يصدر قراراته بالمنع من المزاولة مدة معينة حين ثبوت الخطأ الطبي”.
وأضاف قشمر: “الخطأ الطبي لا يثبت إلا من خلال الطبابة الشرعية (ومع احترامي الطبابة الشرعية بدمشق وريفها والمحافظات السورية قاطبة) نجد أن هناك تحيز بتقارير الطبابة الشرعية لصالح الأطباء وهذا غير موجود بنقابات أخرى”، ممثلاً ذلك بالمهندس الذي يُخطئ يحاسب محاسبة شديدة؛ وكذلك المحامي الذي يخطئ قد يصل الأمر به إلى الشطب النهائي وبالتالي يخسر شهادته، أما الأطباء فنادراً ما نسمع عن طبيب منع من مزاولة مهنته، بحسب قوله.
وتابع: “من الناحية القضائية إذا كان من قام بالخطأ الطبي الطبيب تتم محاسبته، لكن غالباً تأتي التقارير الشرعية “نتيجة اختلاطات والأطباء قاموا بالجهد المطلوب)”، مضيفاً: “نحن نعلم معيار التمييز ما بين الخطأ الجسيم والخطأ العادي هو عناية الرجل المعتاد والرجل المعتاد تعني أنا مهني – محامي -مطلوب مني أن أدافع بقضيتي بالطريقة التي أجدها ناجحة “.
ولفت إلى أن ارتكاب الخطأ المهني الجسيم يكون “عندما مثلاً أخالف كافة القوانين التي تنطبق على حالة الدعوى والتي يظهر فيها الإهمال الشديد فهنا أكون ارتكبت خطأ جسيم”، مضيفاً: “الأطباء كذلك الأمر مطلوب منهم عناية الطبيب المعتاد أي أن يبذل الجهد المطلوب منه فالطبيب لا يحقق غاية والمحامي لا يحقق غاية لكن لابد من بذل العناية المطلوبة، وللأسف ما نراه حالياً كل الدعاوى يخسرها المحامين بسبب التقارير التي تكون نتيجتها (بسبب الاختلاط وأن الطبيب بذل الجهد المطلوب منه) وللأسف هذه الحالة العامة التي يشهدها القانون السوري”.
وقال المحامي لـ “أثر”: “من ناحية وزارة الصحة ووزارة العدل والتنسيق الحكومي الذي تم فلا يجوز توقيف الأطباء إلا بعد انتهاء المحاكمة؛ من وجهة نظري أرى أن هناك إجحاف كبير بحق الأهالي التي تعطلت لديها حواس أو فقدوا أقرانهم نتيجة الخطأ الطبي؛ إذا ثبت التقرير الأولي وبالخبرة الأولية التي تجريها الطبابة الشرعية وهي المعتمدة بتحديد الخطأ والمسؤولية، فلماذا لا يتم توقيف الطبيب ليكون الرادع؛ والمقصود لا يوجد رادع إنما تبقى القضية عدة سنوات في أروقة المحاكم وبالتالي بعد عدة سنوات تكون قد صدر فيها أكثر من مرسوم عفو؛ أو قد يجري مصالحة بسيطة لصالح الطبيب وتنتهي الدعوى والقضاء يعلن براءته نتيجة خطأ عادي وليس خطأ جسيم؛ وهنا أقول: هذا التعميم بغير مكانه والتنسيق الحكومي بعدم توقيف الأطباء برأيي الشخصي في غير مكانه القانون”.
وفيما يخص قضية الطفل المتوفي جود سكر، قال المحامي الأستاذ بسام عدنان قشمر لـ “أثر”: “هي تختلف تماماً عن موضوع الخطأ الطبي فجود سكر قدم بحالة جيدة إلى المشفى لأخذ خزعة من قدمه نتيجة وقوعه على (ركبته) وظهور كتلة؛ والتصوير الطبقي المحوري والمرنان المغناطيسي أكدت بنسبة 90% أن الكتلة سليمة ناتجة عن وقوعه وليست كتلة خبيثة؛ إلا أن الطبيب المشرف على العمل الجراحي من أجل استئصال الكتلة أصر على أن يأخذ خزعة ليتأكد أن الكتلة سليمة كي لا ينتشر المرض في حال تم اكتشافها أنها خبيثة؛ وما جرى أن الطفل جاء إلى المشفى برفقة والدته وجديه لأمه وأجرى كافة التحاليل؛ وبعد ذلك جاء أحد الأشخاص وقال إنه الطبيب ولكن في النهاية ثبت أنه فني تخدير بعد أن أخبرته بأن ابنها يعاني من ربو حاد”.
وأضاف: “وبعد تخدير الطفل من المفروض أن يدخل إلى غرفة عمليات مجهزة بكافة المستلزمات الطبية من اجل الحالات الطارئة؛ إلا أن الطفل أدخل إلى غرفة الطبقي المحوري وهي غير مجهزة لأي عمل جراحي”، لافتاً إلى أن من قام بالتخدير موقوف لدى فرع الأمن الجنائي بعد أن تم الادعاء عليه بعد مرور 10 أيام على دخول الطفل بحالة موت سريري وتعطل الجهاز العصبي ووجود أذية دماغية ناتجة عن المادة التي تم حقنها بشكل خاطئ من قبل فني التخدير.
وفي هذا الصدد أكد المحامي الاستاذ قشمر لـ “أثر” أن قانون ونظام نقابة الأطباء ينص على أن التخدير لا يتم إلا من خلال طبيب مختص؛ والحالة الموجودة لدينا الطبيب لم يحضر إلى غرفة الطبقي المحوري مكان أخذ الجرعة ولا أشرف على المريض؛ في هذه الحالة يعتبر الطبيب متدخل بجرم موت الطفل، متابعاً: “الجرم الذي ارتكبه فني التخدير ليس لأنه تسبب بالوفاة بل لأنه أيضاً غير مختص وبالتالي خاطر وقبل بالمخاطرة وقام بإعطاء جرعة دون دراية بأن هذه المادة لا تصلح لمريض الربو؛ وبالتالي أدى إلى أذية دماغية وبالقانون كل نشاط إيجابي بعنف أو شدة أو عدم اختصاص يؤدي إلى الموت فهو متسبب بالموت وعقوبته لا تقل عن السجن سبع سنوات وما فوق”.
وبالنسبة للأطباء الذين هم: طبيب التخدير الذي أهمل الحالة ولم يحضر نهائياً، وطبيب الخزعة الذي لم يكن متواجد عندما قام فني التخدير بتخدير الطفل فإن هذان الشخصان يعتبران متدخلان بالجرم تخفض عقوبتهم بحدود الثلث، بحسب المحامي.
وعن مسؤولية المشفى، قال المحامي لـ “أثر”: “المشفى تُسأل مسؤولية تامة فلديها مؤسسة تأمين وبالتالي هي مؤمنة تسأل عن التعويض الكامل وعن مصاريف العلاج وعن النفقات التي تتكبدها العائلة”، مضيفاً: “الطفل جود سكر نام في المشفى 40 يوم واليوم 41 فارق الحياة نتيجة الجرم الذي ارتكبه فني التخدير؛ ومسؤولية المشفى التقصيرية باعتبارها تتحمل مسؤولية التابع عن أعمال المتبوع؛ فني التخدير متبوع والطبيب الذي يعمل بالمشفى وطالما أن المشفى يتقاضى جزء من التكاليف والمصاريف وأرباح العمل الجراحي فهو مسؤول مسؤولية تبعية عن أعمال متبوعة وبالتالي يتحمل التعويض الكامل”.
وأشار إلى أنه في حال ثبوت أن مدير المشفى هو من قبل بالمخاطرة فهو شريك بجرم التسبب بالموت، مضيفاً: “والطبيب المتواري عن الأنظار يعلم بقرارة نفسه أنه هو من ارتكب الخطأ بدليل أنه تمت مفاوضات أكثر من مرة كي تقوم الأم بإسقاط الحق ويخرج فني التخدير من السجن لكن الأم رفضت”.
وتمنى محامي الطفل جود خلال حديثه مع “أثر”، ألا تكون هذه القضية مثل باقي القضايا وأن تكون محور للتحول الذي انتهجته المحاكم؛ مبيناً أنه مع كامل الاحترام للقضاء العادل، إلا أن هذه الحماية المطلقة للأطباء بغير محلها القانوني أبداً، بحسب تعبيره.
وذكر أن والدة الطفل جود سكر راجعت وزارة الصحة وقدمت شكوى وإلى الآن التحقيقات بأولها بالنسبة للشكوى؛ متابعاً: “بإذن الله بعد انتهاء العزاء ستقوم بتقديم شكوى إلى نقابة الأطباء (الذين هم مسجلين بها) مرتكبي الجرم، علماً بانه عند ثبوت مسؤولية المشفى عن وفاة الطفل جود سكر تسترجع كل ما تم دفعه إضافة إلى تعويض الوفاة التي حصلت”.
وختم المحامي بسام عدنان قشمر كلامه لـ “أثر” قائلاً: “للأسف نتيجة التقصير بالمحاسبة فالأطباء تمادت بشكل غير طبيعي وغامرت بصحة الناس؛ إلا أن القضاء والقدر شيء والخطأ الطبي شيء آخر، لو كان الأمر بيدي لألغيت التعميم الصادر بحماية الأطباء من التوقيف فعند ثبوت الخطأ يجب أن يحاسب المخطئ لأن هذا الفعل هو نوع من جرائم القتل”.
دينا عبد ــ دمشق