أثارت الغارة “الإسرائيلية” التي تسببت بتعطيل مطار دمشق الدولي، في 10 حزيران الجاري، الجدل في الشارع السوري، ودفعت العديد من السوريين إلى التساؤل عن سبب غياب أي إجراء عملي من قبل روسيا التي تعتبر حليفاً لـ “إسرائيل” وتربطها معها العديد من العلاقات، في كبح هذه الاعتداءات التي ازدادت وتيرتها مؤخراً.
بعض المحللين الروس اهتموا بتساؤلات الشارع السوري، مشيرين إلى أن موسكو لن تدخل بصدام عسكري مباشر بين سوريا وإسرائيل أو بين سوريا وتركيا، وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي الروسي رامي الشاعر: “إن المسؤولية حول السيادة تقع بشكل رئيسي على القيادة السورية، وروسيا لن تدخل بصدام عسكري في سوريا، لا مع إسرائيل ولا مع تركيا”، وفقاً لما نقله موقع “الحرة” الأمريكي.
كما نقل الموقع الأمريكي قول المحلل السياسي الإسرائيلي “يوني بن مناحيم”، إن التفاهمات الروسية – الإسرائيلية تتلخص بأن لا يتم المساس بأي جندي روسي أو منشآت عسكرية روسية عن طريق القصف، موضحاً أن “مطار دمشق لا يتعلق بالروس”، ومشيراً إلى أن “القصف الإسرائيلي لا يخل بهذه التفاهمات ولا يعرض الروس للخطر”، مرجحاً استمرار التصعيد الإسرائيلي.
وتأتي هذه التحليلات بعد انتشار العديد من التقارير التي نقلتها وسائل إعلام عبرية وأجنبية عن أوساط سياسية، والتي أكدت على أن روسيا هي من منحت الكيان الإسرائيلي حرية الحركة في سماء سوريا، وفي هذا الصدد، سبق أن نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية عن مصادر وصفتها بـ “الرفيعة” قولها: “موسكو سمحت لتل أبيب بحرية التصرّف في الأجواء السورية، طالما أنها لا تعرّض قواتها للخطر”.
كما برز هذا الأمر بوضوح أكبر بعد حرب أوكرانيا، حيث تحدث المحللون “الإسرائيليون” حينها عن وجود مخاوف، من أن يؤثر “موقف إسرائيل” من هذه الحرب على سياسة روسيا مع “إسرائيل” في سوريا، ففي نيسان الفائت، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر أمنية “إسرائيلية” تأكيدها على أن “روسيا تشعر بتوتر شديد خلال الحرب في أوكرانيا، ولكنها لا تكسر القوالب مع إسرائيل، فالتنسيق الأمني بيننا وبينها في سوريا مبني على مصالح مشتركة يحافظ الروس عليها وليس فقط إسرائيل”.
كما أجابت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية في مقال نشرته آذار 2022 على سؤال مفاده “هل سيكون موقف إسرائيل المنحاز إلى أمريكا أمراً معقداً جداً لدرجة أن الطائرات الإسرائيلية لن تكون قادرة على مواصلة الضرب في سوريا؟”، بقولها: “يمكن لبوتين بالطبع أن ينتقم إذا أوضح بينيت أن إسرائيل تعارض غزو أوكرانيا، ويمكنه إخبار قواته في سوريا بوقف التنسيق الأمني، ويمكنه تسليم بطاريات صواريخ S-300 وS-400 المتطورة إلى الجيش السوري، ويمكن حتى أن يجعل طياريه يعترضون الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السورية، لكن بالنسبة لبوتين، فإن إسرائيل تقوم بالعمل القذر في سوريا وسوف يجني الفوائد”.
وكان أيضاً من ضمن الضربات العنيفة التي شنتها “إسرائيل” على سوريا، هي الضربة التي تم خلالها استهداف ميناء اللاذقية، الذي يبعد بضع كيلو مترات عن القاعدة الروسية في حميميم، حيث لفت حينها المحلل السياسي الإسرائيلي “يوآب شتيرن” إلى أن هذه الضربة تشير إلى 3 نقاط مهمة، الأولى: هي أن إسرائيل لم تتنازل عن أهدافها في سوريا، وفي النقطة الثانية: توضح عمق التنسيق الاستراتيجي ما بين إسرائيل وروسيا، وترتبط النقطة الثالثة بحقيقة أن سوريا دولة منهارة”.
يشار إلى أن مطار دمشق الدولي والمنطقة المحيطة به تعرضت إلى 7 اعتداءات “إسرائيلية” منذ بداية عام 2020، وكان أعنفها في 10 حزيران الفائت، حيث تسبب العدوان بخروج المطار عن الخدمة حتى إشعار آخر، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع السوري الذي أشار إلى غياب الدور الروسي في كبح هذه الاعتداءات.