خاص|| أثر برس لم تنل تسعيرة وزارة الزراعة لكيلو قمح الموسم الحالي رضا الفلاحين بدير الزور، الذين وجدوا فيها إجحافاً بحقهم في ظل واقع الغلاء الذي طال مختلف جوانب الحياة، سيما منها ما خص مستلزمات زراعة القمح، بدءاً بتكاليف الحراثة إلى وقود الري والسماد، ناهيك عن تكاليف المبيدات الزراعية، ومجمل ما يرتبط بالعملية الإنتاجية منذ بداياتها، وما سيتبع ذلك من كلف حصاد المحصول ونقله وتوريده.
تسعيرة مجحفة:
ويرى المزارع خلف الياسين بحديثه مع لـ”أثر” أن تسعيرة وزارة الزراعة لكيلو القمح بـ2300 ليرة سورية مقابل كلفة زراعته وتوريده تجعل الفلاح يخرج خاسراً، مضيفاً: “أتحدث هنا عن كوني مستأجراً لأرض زرعتها بالقمح، فإذا أجرينا حساباً بالأرقام للكلف فإن الإيجار الذي أدفعه للدونم الواحد بلغ 100 ألف ليرة، أضف ثمن الحراثة 50 ألف ليرة للدونم الواحد، كذلك كلفة البذار والتي وصلت إلى 100 ألف، والمبيدات الحشرية بمعدل 20 ألف ليرة، وتكلفة الوقود الزراعي لعمليات السقي 60 ألفاً، علماً أن قلته أجبرتنا على الشراء من السوق الحرة، وتكاليف السماد ولاحقاً حصاد المحصول والذي تصل تسعيرة حصاده للدونم الواحد عبر الحصادات الآلية إلى 45 ألف ليرة، فيما الحصاد اليدوي مع عمليات جمعه بكلفة 10 آلاف ليرة للدونم، والأمر ينطبق على المالك لأرضه، حيث التعب والجهد يضافان للتكاليف الباهظة”.
فيما يؤكد رئيس مكتب التسويق في اتحاد الفلاحين صالح حاج حمد لـ”أثر” أن التقديرات الدقيقة لكلفة زراعة الدونم الواحد من محصول القمح تتراوح بين 600 – 700 ألف ليرة، وبالتالي إذا ما اعتمدنا تقديرات الإنتاج للدونم بـ 350 كغ فإن بقاء التسعيرة على حالها ولاشك هي إجحاف بحق الفلاحين، علماً أن إنتاجية الحقول لن تكون واحدة، مع ملاحظة أن كميات السماد المعطاة تؤثر في هذه الإنتاجية، وكمياته لم تكن كافية منذ سنوات وليس لهذا الموسم.
تهريب القمح!
مخاوف كثيرة تطال وضع محصول القمح للموسم الحالي لجهة إمكانية تهريبه أو بيعه للتجار كما يوضح رئيس اتحاد فلاحي المحافظة خزان السهو في حديثه لـ”أثر”: “هناك إحباط كبير يعيشه الفلاحون منذ أن صدرت تسعيرة القمح، فمن وضع هذا السعر بعيد عن أرض الواقع، إن السعر المنصف والذي يتوافق مع تكاليف عمليات الإنتاج وجهد وتعب الفلاح لابد وأن يصل إلى 3500 ليرة للكيلو، أو في أدنى الإنصاف 3000 ليرة”.
وأشار “السهو” لمخاوف جدية من أن يتم تهريب المحصول مع ما يُشاع عن سعر مرتفع ستمنحه “قسد” بمناطق سيطرتها، وهذا ما يؤدي لحرمان دير الزور من إنتاجها الذي يُغطي احتياجاتها من الدقيق لاحقاً، مبيناً بأن هنالك إجماع لدى كافة فروع اتحاد الفلاحين بالمحافظات حول عدم عدالة التسعير لمحصول القمح، وثمة مطالب رفعت بهذا الشأن عن طريق الاتحاد العام للجنة الزراعية العليا”.
وتشير تقارير لفرع الحبوب بدير الزور كان أشار إليها “أثر” إلى أن حاجة المحافظة للموسم الماضي كانت تصل إلى 60 ألف طنٍ، فيما ما جرى توريده ناهز الـ 44 ألف طنٍ، أي دون الحاجة، فكيف سيكون عليه الحال في ظل السعر المُعتمد رسمياً من قبل وزارة الزراعة مع ما يرد من توجه لإقرار “قسد” بمناطق سيطرتها لسعر أعلى لم يصدر إلى الآن بانتظار ما يُشاع عن توجه لدى الحكومة السوريّة برفع السعر الحالي، لتقوم بدورها برفعه مُضاعفاً هادفةً بذلك فتح إمكانيات تهريبه من مناطق السيطرة الحكوميّة.
مع الإشارة إلى أنه ومنذ هزيمة تنظيم “داعش” وسيطرة الحكومة السورية على الشرق والشمال الشرقي السوريين بجغرافية واسعة تُعد سلة الغذاء للسوريين بما تمتلكه من محاصيل استراتيجية، يأتي القمح على رأسها، تقوم “قوات سوريا الديمقراطيّة بتوجيه من القوات الأمريكية بمنع أي عمليات توريد باتجاه المراكز الحكومية المخصصة لتخزين الحبوب في إطار الضغوطات على الحكومة السوريّة ومنعها من الاستفادة من ثروات تلك المناطق زراعية كانت أم نفطية أم غازية، الأمر الذي زاد من صعوبة الأوضاع المعيشية.
يُذكر أن الخطة المقرة لزراعة القمح من قبل مديرية زراعة دير الزور تصل إلى 32 ألف / هكتار، وسط عدم وضوح للمساحات المزروعة فعلياً، ناهيك عما تسببت به الأمطار الهاطلة من أضرار طالت قرابة 17 ألف دونمٍ من محصولي القمح والشعير، وأغلبها كانت في حقول القمح.