أثر برس

زيارة ابن فرحان إلى سوريا كانت ممتازة.. ما علاقتها ببيان “الإدارة الذاتية”؟

by Athr Press Z

أخذت زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إلى سوريا صدىً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية والمحلية السورية، على الرغم من أن هذه الزيارة لم تكن مفاجئة وسبق أن تم إعلانها -من دون تحديد موعد لها- وجاءت بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية فيصل المقداد، إلى السعودية.

وفي تفاصيل هذه الزيارة نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصادرها أن “اللقاء كان ممتازاً، والأجواء كانت إيجابية، ولفتت إلى الحرص السعودي على استعادة سوريا لمكانتها العربية”.

وحتى الجمهور السوري الذي لم يعد يهتم مؤخراً بالأخبار السياسية لانشغاله بالوضع المعيشي والاقتصادي المتردي في البلاد، أبدى اهتماماً خاصاً بهذه الزيارة، وفي هذا السياق نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” مقالاً أشارت فيه إلى أنه “بكثير من الارتياح والتفاؤل، تابع السوريون أنباء زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إلى دمشق، وعاد السوريون إلى الاهتمام بمتابعة الأخبار السياسية بعد سنوات من اليأس لأن الأمر يبدو هذه المرة جدياً، حيث إن زيارة مسؤول سعودي إلى دمشق بعد 12 سنة من الانقطاع ما كانت لتتم لو لم تقطع الجهود الدبلوماسية شوطاً في تقريب المسافات، ناهيك عن أن دخول المملكة إلى خط إعادة سوريا إلى محيطها العربي له ثقل إقليمي ودولي وهذا يدعو للتفاؤل بحصول انفراجات”.

التحرك السعودي السياسي إزاء سوريا بعد 12 عاماً من القطيعة، ارتبط بملفات عدة منها متعلقة بسوريا ومنها تتعلق بالشرق الأوسط عموماً، وأبرزها التقارب السعودي- الإيراني، وفي هذا السياق يؤكد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أنه “يُنظر إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسوريا بوصفها أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لإعادة الرئيس الأسد إلى المحيط العربي”، مشيراً إلى أن “فورة النشاط الدبلوماسي السعودي تأتي في أعقاب اتفاق تاريخي بوساطة صينية بين السعودية وإيران، وهذا الاتفاق نظرت إليه دمشق باهتمام كبير”.

الأمر ذاته أشار إليه مراسل شؤون الشرق الأوسط ومحلل شؤون الشرق الأوسط سيث ج. فرانتزمان، في صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، الذي أشار في مقاله إلى أن “السعودية تقود عدداً من المبادرات الدبلوماسية في المنطقة، حيث تصالحت مع إيران وتسعى لإنهاء حرب اليمن، كما أضافت مؤخراً السناتور الأمريكي ليندسي جراهام قبل أن يأتي إلى إسرائيل وتستضيف الآن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس”، مضيفاً أن “الرياض تقدم نفسها لاعباً دبلوماسياً رئيساً في المنطقة بعد سنوات شهدت فيها تآكل نفوذها وظهرت توترات مع إيران وقطر وغيرهما”، ونقل فرانتزمان، عن مصادر صحافية تأكيدها أن “السعودية تريد تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية، وتأمل الرياض تحقيق ذلك قريباً ، بدلاً من الانتظار طويلاً، حيث بحثت الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كل تداعياتها وتحقق مصالحة وطنية وتسهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.

وفي الوقت الذي يرتبط فيه تسارع مسار التقارب السعودي مع سوريا بالتقارب بين الرياض وطهران، ترتبط زيارة ابن فرحان، بالتحديد بملف “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على مناطق شرقي سوريا؛ فالبتزامن مع زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق أصدرت “الإدارة الذاتية” بياناً بعنوان مبادرة للوصول إلى حل سلمي وديمقراطي للأزمة السورية، معربة عن استعدادها للقاء حكومة دمشق، والحوار معها، ومع جميع الأطراف السورية للتشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة “العرب” عن خبراء تأكيدهم أن “تزامن المبادرة الكردية مع زيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق كان مقصوداً، ويحمل رسالة ضمنية إلى الرياض لتأدية دور في تحريك الحوار السوري – السوري بعد أن ظل معلقاً لسنوات” ومن الواضح استعجال السعوديين للمصالحة، إذ لم ينتظر وزير الخارجية السعودي عودة نظيره السوري فيصل المقداد من جولته العربية، وسارع في الذهاب إلى لقاء الرئيس الأسد”.

وأضافت قناة “الحرة” الأمريكية في هذا الصدد أنه “يخشى الأكراد من خسارة مكتسبات حققوها خلال سنوات النزاع الأولى، خصوصاً بعد استبعادهم من جولات تفاوض عدة، أبرزها تلك التي تقودها الأمم المتحدة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف، ويخشون كذلك من أي تقارب بين دمشق وأنقرة، التي تعتبر الوحدات الكردية منظمة إرهابية وتعمل على إبعادها عن حدودها”.

الحديث عن ارتباط الزيارة السعودية مع بيان “الإدارة الذايتة” المتحالفة مع أمريكا في سوريا، يعيد تسليط الضوء على الموقف الأمريكي مما يجري، والسياسة التي ستتبعها الإدارة الأمريكية إزاء هذه التحركات، ولفت في هذا الصدد الصحافي ديفيد أغناطيوس، المختص بالشؤون الخارجية في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إلى أن “غياب وسيط أمريكي دفع الدول العربية للتحرك وحدها لعقد صفقات منفصلة، حيث زار وزير الخارجية السعودي دمشق هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ عام 2011، وهذا مؤشر على أن الدول تستعد للعمل المستقل لترتيباتها الخاصة”، مشيراً إلى أنه “يصيب الإرهاق من سوريا صانعي السياسة الأمريكيين، وهو أمر مفهوم بعد عدد لا يحصى من الغزوات الدبلوماسية الفاشلة، وبدلاً من السياسة لدينا عقوبات على الرئيس بشار الأسد ونرفض أي تطبيع معه”، مضيفاً أن “العقوبات قد تجعل أعضاء الكونجرس يشعرون بتحسن، وتمنحنا قليلاً من النفوذ، لكنها لا تفعل شيئاً لتخفيف معاناة سوريا”.

تؤكد معظم التسريبات أن الرياض باتت تقود مساراً عربياً لإعادة سوريا إلى محيطها العربي وإلى الجامعة العربية بالتحديد، وعلى هذا الأساس أجرت اجتماع “مجلس التعاون الخليجي” في جدة وخرج الاجتماع ببيان يؤكد ضرورة عودة سوريا إلى محيطها العربي، من دون التطرق إلى مسألة عودتها إلى الجامعة العربية، وسط إعلان بعض الدول رفضها لهذه العودة الأمر الذي أثار الشكوك في احتمال إنجاز هذا الأمر في المدى المنظور، بينما تؤكد دمشق أن العودة إلى الجامعة ليست ضمن أولوياتها وأنها ما يهمها في هذه المرحلة هو العلاقات الثنائية التي تجمعها مع كل دولة على حدة.

 

أثر برس 

اقرأ أيضاً