خاص|| أثر برس حشود من الأهالي اللاهثة وراء الحصول على مركبة تقلهم إلى مقاصدهم، باتت ظاهرة تنتشر في كل المناطق وتملأ الشوارع السورية، حيث الأيادي تلّوح على الطرقات علّ أصحابها يحظون بمقعد، فيما المركبات العاملة ذات العدد المحدود، تغص وتتكدس بالأشخاص متحمّلة أكثر من طاقتها الاستيعابية.
مشاهد يرويها لـ “أثر” كثيرون، مستنكرين هذه الحالة المستمرة منذ أسابيع، مؤكدين أنه رغم ورود بعض التأكيدات من قبل الجهات ذات الشأن، على بداية انفراج في تأمين المشتقات النفطية ومازوت التدفئة بداية الشهر القادم، إلا أن الواقع الحالي يأنوا تحت وطأة معاناة يومية يتعرض لها الناس جراء ما يحدث من فقدان السرافيس من على خطوط النقل أو انخفاض عددها إلى أقل من 20%.
مشاهدات ووقائع
أبو تيم يقطن في مدينة جرمانا بريف دمشق تحدث لـ “أثر” عن واقع مأساوي، مبيناً أن “أفواج الناس تنتشر على جانبي الطرقات على أمل الحصول على مبتغاها سواء مباشرة أو عبر استخدام نفس السرفيس إياباً وذهاباً بغية الوصول إلى أماكن عملهم أو قضاء احتياجاتهم، متحملين أضعاف التكلفة المحددة، وهذا ما يزيد الطين بلة”.
بدورها، آلاء (موظفة)، قالت لـ “أثر”: “واقع النقل والتنقل بات من سيئ لأسوأ، مع انعدام الحلول لمشكلة متأزمة يومية وآنية، وما تسببه من سلبيات واستنزاف للطاقة والصبر والتحمل في مواجهتها، لاسيما مع بدء المدارس والتسجيل للمفاضلة، والمشهد وحده دليل كل قول وشرح، ودون مبالغة أو تسويف، هذا حال كل فرد موظف أو طالب أو أي فرد آخر”.
كما يشرح أبو محمد معاناته التي تزداد كل يوم مع اضطراره للذهاب لعمله في الزبلطاني، فهو مجبر لأخذ سرفيسين من مكان سكنه في التضامن، رغم وضعه الصحي السيئ، إذ يضطر للسير مسافات طويلة والانتظار الطويل للوصول لمكان عمله بعد عناء لا يوصف وأعباء مادية إضافية أكثر.
أيضاً ميساء تذكر أنها اضطرت لأن تستقل سيارة التاكسي كي لا يفوتها موعد اختبار تقدم ابنتها للمفاضلة لعدم تمكنها من أخذ السرفيس، نتيجة الازدحام اللامعقول في منطقة سكنها في الحسينية، الأمر الذي كبّدها مصروف مادي إضافي، علماً أنها خرجت قبل عدة ساعات، إلا أنها لم تتمكن من أن تحظى بسرفيس، في حين اضطر شادي للعودة إلى منزله سيراً على الأقدام بعد انتهاء دوامه ليلاً من منطقة البرامكة إلى التضامن لعدم تمكنه من حجز مقعد في السرفيس، ناهيك عن عدم قدرته المادية لأخذ تكسي.
وأشار حسن الملقب بأبو علاء إلى أن الازدحام ومشقة صعوده في باص النقل الداخلي كان سبباً في نشل موبايله من جيبه، حيث استطاع الصعود بشق الأنفس، مع كثير من المشاكل والخلافات التي تحدث بين السائقين والركاب، والطمع في حشر أعداد كبيرة في وسيلة النقل تفوق الطاقة الاستيعابية لها بأضعاف مضاعفة.
وحال هؤلاء هو حال كثيرين، فليست الأزمة محصورة ضمن محافظة، أو مناطق وأحياء معينة، وحال الأهالي في كيفية التعامل معها بدا لا حول له ولا قوة، مع تصوّر مسبق لما يمكن أن يعانيه من مشقة للوصول لمقصده والعودة سالماً معافى.
حلول لتفادي المشكلة
أكد مدير هندسة النقل والمرور بمحافظة ريف دمشق المهندس بسام رضوان لـ “أثر” أن أزمة النقل تتصاعد في كل المحافظات، خاصة في دمشق وريفها، التي امتلأت شوارعهما بالمنتظرين لوسيلة نقل، و تزامن ذلك مع تخفيض مخصصات النقل إلى الحدود الدنيا، إضافة لتخفيض مخصصات باصات النقل العام، كما تم إيقاف تزويد وسائل النقل الجماعي من سرافيس وباصات الشركات الخاصة بالمحروقات، الأمر الذي أدى إلى توقفها عن العمل بشكل كامل، ما تسبب بازدحامات كبيرة نتيجة هذا التخفيض الحاصل بعدد طلبات المحروقات، الناتج عن النقص في التوريدات، لافتاً إلى تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية بسبب الظروف العالمية، إلا أن الجهات المعنية في وزارة النفط وشركة محروقات تعمل لإدارة كميات المحروقات المتاحة بما يضمن استمرار عمل القطاعات الاستراتيجية كالأفران والمشافي، لحين وصول التوريدات الجديدة.
وأضاف مدير هندسة النقل والمرور: “يتم العمل على وضع بعض الحلول لتفادي المشكلة، على أن يتم استثناء يوم الجمعة من تفعيل قطاع النقل على مستوى المحافظة، مع توزيع الكمية المخصصة في هذا اليوم على باقي أيام الأسبوع، وذلك بمحاولة لتدوير الأمور بينما تعود التوريدات كما كانت عليه”، متابعاً: “تم عرض ذلك على لجنة المحروقات لاستصدار قرار بذلك، وهذا يأتي استجابة لمقترح لجنة المحروقات في ريف دمشق، حيث نحاول قدر الإمكان تلافي مثل هذه الإشكاليات للوصول إلى حلول تسهم بتأمين الخدمة للأهالي”.
وتابع رضوان لـ “أثر”: “لدينا خطوط مثل دمشق ـ دوما عليها حوالي 75 – 80 آلية، ودمشق – حرستا – دوما عليه 120 آلية، وهناك عدد بين المناطق في دوما النشابية عليه جزء من العدد الكلي للسرافيس، إلا أن منطقة كغوطة دمشق تحتاج إلى ما يفوق 600 حتى 800 آلية، يوجد منها حالياً من 170 – 200 آلية فقط، كذلك الأمر في قطنا، يوجد حوالي 35 آلية يخدمون خط دمشق – قطنا، إلا أنها لا تكفي، وحاولنا في لجنة نقل الركاب المشتركة منذ حوالي ثلاثة أشهر، تخصيص 26 آلية لتخديم القاطنين على حدود جديدة عرطوز عبر جولتين صباحية ومسائية لتخديم الأهالي، بالإضافة إلى باصات النقل الداخلي العاملة على المازوت وعددها اثنان، فيما حاجة المدينة 300 سرفيس، لذا نلجأ إلى توسيع المسارات لتخديم البلدان الموجودة ريف دمشق في دوما بالغوطة الشرقية وكل ذلك لتلافي المشكلة، ناهيك أن هذا الإجراء عبارة عن تدوير عجلات لحين ايجاد حل المشكلة الأساسية، وحتى الآن ليس هناك فترة محددة لوصول التوريدات”.
وأوضح المهندس رضوان لـ “أثر” أنه قبل الحرب في سوريا كان عدد آليات نقل ركاب ريف دمشق حوالي 12 ألف، أما حالياً يوجد حوالي 7800 آلية على مستوى المحافظة، مشيراً إلى أن هذا النقص الحاصل بقطاع النقل ناتج عن النقص في الوقود، الذي أدى إلى تفاقم أزمة النقل، إضافة إلى أن قطاع النقل الداخلي كان يملك حوالي 950 آلية، اليوم يوجد فقط 150 آلية؛ وتصل أحياناً إلى 160 حسب الإصلاحات، وهذا العدد سوف يخدّم قطاعي المدينة والريف، متابعاً: “جراء النقص الهائل بقطاع النقل، لابد من رفده بعدد من الآليات لنقل الركاب، عبر مشاريع حيوية أو باصات نقل داخلي أو أي شيء يمكن أن يعوّض ذلك، ويحقق توفير الأعباء على الدولة والأهالي”.
دمشق تزيد طلبات المازوت
أكد مصدر في محافظة دمشق، لـ “أثر” انخفاض عدد الطلبات من 16 طلب مازوت يومياً إلى 12 طلباً، علماً أن الحاجة تتجاوز الـ 20 طلباً يومياً، الأمر الذي انعكس على تخفيض “طلبات النقل” بما يتجاوز الـ 80 ألف ليتراً يومياً، مبيناً أن تخديم قطاع النقل وحده حالياً بحاجة إلى 13 طلباً في ظل انتشار السرافيس والطلب الكبير عليها في العديد من الخطوط.
بدوره أشار عضو المكتب التنفيذي المختص في محافظة دمشق قيس رمضان أنه تم زيادة طلبين إضافيين من مازوت النقل المخصص لدمشق من شركة سادكوب بما يعادل 44 ألف لتر مازوت يومياً، حيث أصبح عدد الطلبات التي زوّدت بها دمشق 3,5 طلبات، خلال يومين، متابعاً لـ أثر”: “سنشهد تحسناً في واقع عمل وسائل النقل على معظم الخطوط، علماً أن سبب الازدحامات وعودة أزمة النقل التي تشهدها هو قلة عدد الطلبات المخصصة للمحافظة من مادة المحروقات ما انعكس على واقع تأمين المادة للسرافيس ووسائل النقل الجماعي”.
لينا شلهوب