تتعدد المعلومات والتحليلات حول الهدف الأساسي من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى الشرق الأوسط، والتي ستشمل كل من فلسطين المحتلة والسعودية، ومن المفترض أن يتخللها اجتماع بين بايدن وزعماء عرب.
منذ أن أعلن بايدن عن نيته لزيارة الشرق الأوسط، انتشرت العديد من التقارير الأجنبية التي أكدت أن هذه الجولة مرتبطة بضرورة اتخاذ إجراء جدي وفعلي من قبل إدارة بايدن، بخصوص ارتفاع أسعار النفط في الولايات المتحدة، حيث لفت موقع “المونيتور” الأمريكي إلى أن “الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الأمريكية والغربية اللاحقة على روسيا، ساهمت في ارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات قياسية، فلأول مرة، يزيد سعر جالون البنزين في الولايات المتحدة عن 5 دولارات –أي ما يصل إلى 6 دولارات في بعض الولايات– وهو خط أحمر بالنسبة للمستهلكين في الولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن “هذا الواقع الصعب أجبر بايدن على تغيير موقفه من السعودية من عدم التعامل معها بشكل مباشر”.
لكن وبحسب التصريحات التي نقلتها شبكة “CNN” الأمريكية، فإن بايدن أكد أن النفط لن يكون محور جولته إلى الشرق الأوسط، ونشر البيت الأبيض، بياناً جاء فيه: “الغرض من الزيارة هو تعزيز التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وازدهارها”، الأمر الذي وجّه بعض التحليلات إلى أن أحد أهداف هذه الجولة هو تمهيد الطريق للتطبيع رسمياً بين “إسرائيل” والسعودية، فبحسب تقرير نشره موقع “واللا” العبري فإن مسؤولي البيت الأبيض، قدموا الأسبوع الفائت إحاطة مغلقة لخبراء من معاهد البحوث في واشنطن وذكروا مصطلح “خريطة طريق للتطبيع” من دون الخوض في التفاصيل، موضحين أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضية حتى زيارة بايدن للمنطقة، لكنهم أوضحوا أنهم يواصلون العمل عليها وأن بايدن سيطرح القضية في محادثاته مع قيادة البلدين.
والحديث الأكثر شيوعاً حول هذه الزيارة، يتعلق بإنشاء قوّة عسكرية عربية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى مواجهة إيران بالدرجة الأولى، حيث نقلت قناة “الحرة” الأمريكية عن المحلل السياسي المصري، علي رجب، إشارته إلى وجود أحاديث غير مؤكدة عن احتمالية تشكيل قوة عسكرية شرق أوسطية بقيادة واشنطن، وهو ما يعني ضرورة تحسين العلاقات بين دول المنطقة وإسرائيل، لافتاً إلى أن القوة تهدف إلى مواجهة إيران بالدرجة الأولى.
موقع “ميدل إيست أون لاين” البريطاني نشر مقالاً حول هذا المشروع وصف خلاله بأنه “غير ناضج، وغير عملي وبالتالي لم يكن ليردع إيران عن الانخراط في أنشطتها الإقليمية ناهيك عن إقناعها بالتخلي عن طموحاتها النووية، فمن غير المرجح أن توسع الولايات المتحدة بصمتها العسكرية الحالية التي تتضمن حوالي 50 ألف جندي في منطقة القيادة المركزية الأمريكية”، كما ناقش المقال المشروع من الناحيتين الاستراتيجية والعملياتية، حيث قال: “من الناحية الاستراتيجية، لا يوجد أرضية مشتركة أو ثقة كافية تقوم عليها أي اتفاقية أمنية شاملة في الشرق الأوسط، فبالنسبة للعراق وقطر والكويت وعُمان، تعد إيران جزءاً لا يتجزأ من البنية التحتية الأمنية الإقليمية ويجب إشراكها، أما على نطاق أوسع، فتختلف تصورات التهديد والتعريفات الأمنية بشكل كبير بين مختلف الدول العربية وإسرائيل، وعلى المستوى العملياتي، فإن الافتقار العميق إلى الثقة بين مختلف دول الشرق الأوسط -بما في ذلك تلك الموجودة في مجلس التعاون الخليجي- يعني أنه من المستحيل تحقيق تكامل ذي مغزى على مستوى الأدوات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وفي حين يفترض أن قمة العُلا وضعت نهاية للأزمة الخليجية، إلا أن الثقة بين المتنافسين لم تتعافَ بعد”، وأشار المقال الذي نشره الموقع البريطاني إلى أنه “على مدى 40 عاماً، كافحت دول مجلس التعاون الخليجي لدمج قواتها وقياداتها العسكرية، وفي حين أن البنية التحتية للقيادة الموحدة موجودة على الورق، وأن قوات درع الجزيرة المشتركة لديها قوات يمكنها تحقيق هذا الغرض، لكن الرؤى الأمنية المتعارضة بين دول الخليج بعد الربيع العربي عرقلت أي جهود للتكامل العسكري الخليجي كما لا يتم تبادل المعلومات الاستخباراتية بالرغم من وجود نظام لتبادل المعلومات”، منوّهاً إلى أنه “بدون ثقة ورؤية أمنية مشتركة، فإن أي تحالف في المنطقة سيكون مجرد نمر من ورق، أي أنه سيبدو خطيراً وقوياً لكن دون فعالية حقيقية على الأرض، وسيفتقر للعمق اللازم للتعامل مع عمليات إيران التي تعتمد على شبكة الوكلاء في جميع أنحاء المنطقة”.
وفي السياق ذاته، نشر الصحافي والخبير السياسي نضال منصور، تقريراً في موقع “الحرة” الأمريكي قال فيه: “في حرب بالونات الاختبار عن أهداف قمة بايدن في السعودية تتواتر معلومات تفيد بأن الرئيس الأمريكي يأمل أن يُنجز ترتيب اتفاق بين الرياض وتل أبيب مرتبط بالأمن الملاحي بمضيق تيران بعد أن تتسلم السعودية سلطاتها على الجزيرتين من الحكومة المصرية، وبعد أن اشترطت الرياض رحيل القوات متعددة الجنسيات التي كانت تُشرف منذ اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل على ترتيبات الملاحة، وتعهدت بأن تضمن حرية الملاحة بما فيها تحليق، ومرور الطيران الإسرائيلي في مجالها الجوي”، مشيراً إلى أن “القمة الدولية التي سيحضرها بايدن ستُذكر الزعماء العرب بأجندتهم الغائبة، فهم عند الطلب توحدهم مصالح غيرهم، وذاتها تفرقهم، وتجعلهم خصوماً”، وختم الصحافي مقاله بالقول: “على واقع هواجس حرب كونية يتحرك العالم، ويُعاد ترتيب التحالفات، والعالم العربي في عين العاصفة، فإن لم يكن مختبراً للصراعات، فإنه مُطالب بتسديد كُلفتها، فهو الخزان الذي يدفع دماً، ومالاً دون حساب”.