خاص || أثر برس لطالما كان أهالي منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي، قبل الاحتلال التركي لمناطقهم، يستبشرون خيراً في مثل هذا الوقت من كل عام، والذي يتزامن مع دخول موسم قطاف ثمرة الزيتون، التي تعتبر مصدر الرزق الرئيسي لمعظم أهالي المنطقة.
عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية بما فيها من أشجار زيتون مثمرة تحوي ملايين الأشجار، أصبحت اليوم تحت نيران قوات الاحتلال التركي والمجموعات المسلحة التابعة لها، والتي سارعت في الموسم الحالي إلى اتباع ما دأبت عليه خلال العامين الماضيين، لناحية سرقة المحاصيل حيناً، وفرض الضرائب والإتاوات الباهظة على المزارعين حيناً آخر.
مصادر محلية من ناحية “بلبل” شمال منطقة عفرين، أفادت لـ “أثر برس” بأن مسلحي المجموعات التابعة لتركياً، نفّذوا خلال الأيام الماضية، عمليات اجتياح واسعة لأراضي الزيتون في الأراضي التابعة للناحية، وأقدموا على جني ثمار الزيتون وسرقتها بالكامل على مرأىً من أصحابها، تحت ذريعة عدم وجود سندات تثبت ملكيتهم للأرض.
وبينت المصادر أن عشرات الأراضي الزراعية في قرى “قزلباش” و”قره كول” و”قورتا”، تعرضت للسرقة من قبل المسلحين تحت الذريعة ذاتها، في حين لم تسلم الكمية القليلة من المحاصيل التي تمكن المزارعون من جنيها، من عناصر الحواجز التابعة للمسلحين على الطرق الواصلة بين القرى، والذين فرضوا إتاوة على المرور من حواجزهم تُدفع بـ “الشوال” من الزيتون، وليس بالعملة النقدية.
المشهد ذاته تكرر في ناحيتي “معبطلي” و”جنديرس”، حيث طالت عمليات المداهمة والسرقة، عدداً كبيراً من الأراضي الزراعية، ووفق ذرائع متنوعة، وتحت تهديد السلاح كما جرت عليه عادة المسلحين في التعامل مع أهالي المنطقة.
وقالت المصادر بأنه في أحسن الأحوال، إن نجح المزارع في إقناع المسلحين بعدم سرقة أرضه، فإنه سيكون مضطراً لدفع مبالغ مالية كبيرة على سبيل الإتاوة لهم، مقابل السماح له بجني محصول الزيتون من أرضه، وإلا فإنه سيُمنع من القطاف وستصبح أرضه معرضة للسرقة في أي وقت.
كما ابتكر المسلحون، وفق ما نقلته المصادر، طريقة جديدة هذا العام لنهب خيرات الزيتون وسرقة أرزاق المدنيين، حيث لجأ بعض القياديين إلى فرض تضمين أراضي المزارعين لصالحهم مقابل مبلغ مالي زهيد، وبالتالي وبموجب التضمين، تصبح محاصيل الموسم الحالي من حق القيادي الحاصل على الضمان، بينما لا يحصل صاحب الأرض سوى على المبلغ المالي المقطوع الذي لا يوازي سوى نسبة ضئيلة من القيمة الحقيقية للمحاصيل المضمّنة.
وتعتبر منطقة عفرين من أهم المناطق الزراعية في سورية بشكل عام، وفي حلب على وجه الخصوص، حيث تضم ما يقارب الـ 50% من إجمالي الأراضي الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، والتي تبلغ نسبتها نحو 75% من مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في عموم أنحاء محافظة حلب، وفق ما أوضحه المهندس رضوان حرصوني، مدير زراعة حلب لـ “أثر برس”.
يذكر أن قوات الاحتلال التركي والمجموعات المسلحة التابعة له، كانت تمكنت من اقتحام منطقة عفرين وإحتلالها مطلع عام 2018 إبان عملية “غصن الزيتون”، ومنذ ذلك الحين تشهد منطقة عفرين عمليات سرقة ممنهجة من قبل مسلحي تركيا سواء لأراضيها الزراعية ومواسمها الخيرة، أو لآثارها التاريخية الهامة، عدا عن سياسة “التتريك” المستمرة التي تنتهجها أنقرة لطمس هوية المنطقة وتحويلها إلى مستعمرة تركية.
زاهر طحان – حلب