أثر برس

مكواة الجمر تعود للواجهة.. عصر الأجداد يتجدد، والسبب التقنين الكهربائي

by Athr Press G

خاص || أثر برس صباح كل يوم، يسخن أبو محسن مكواة الجمر على منقل الفحم أو موقد الغاز، ويجلس بانتظار إحضار الزبائن لملابسهم، ليقوم بكّيها، بعدما أصبحت مكواته العاملة على الكهرباء قابعة في زاوية المحل يتراكم عليها الغبار.

صباح كل يوم.. يسخن أبو محسن مكواة الجمر على منقل الفحم أو موقد الغاز، ويجلس بانتظار إحضار الزبائن لملابسهم، ليقوم بكّيها، بعدما أصبحت مكواته العاملة على الكهرباء قابعة في زاوية المحل يتراكم عليها الغبار.

هو أبو محسن ذو السبعين عاماً، لم يستسلم لظروف المعيشة الصعبة والأوضاع الاقتصادية القاسية فقرر العمل بأدوات قديمة ورثها عن أجداده، ويقول لـ “أثر”: “مهنتي بالأساس تعتمد على الكهرباء من حيث الغسيل والكوي، لكن الكهرباء لا نراها إلا بالمناسبات وفي حال تم وصلها لا تكون أكثر من ساعة وصل مقابل 5 قطع بحكم أننا في ريف دمشق”.

ويشير العم بحديثه عن مكواة الجمر، إلى أن هذه الأدوات لم تستخدمها الجدات فقط، بل جدات الجدات، وتعد من القطع الأثرية ولكن اليوم عاد لاستخدامها لتأمين قوته اليومي.

يرش أبو محسن الماء على القميص الذي يكويه بينما يضيف قائلاً: “كل قطعة ملابس أغسلها بالطريقة القديمة أي باليدين، ولكن المميز اليوم هو إضافة المواد الخاصة في التنظيف والتي لم تكن في السابق بل كان الاعتماد على الصابون فقط، وبعدها ننشرها لتأتي مرحلة الكيّ حتى تغدو القطعة في مظهر لائق، وهذا ما اضطرني لإحياء هذه المهنة المنقرضة في منطقتي”.

ومع تحريكه الرتيب لمكواة الجمر يقول الرجل المسن: “مع انعدام الكهرباء والوقود أصبح من واجبنا إيجاد البدائل بهدف الاستمرار، وفي الوقت الذي يغلق أكثر من 40% من العاملين في مهنة الكي والاتجاه إلى العمل بمصلحة أخرى لا تحتاج إلى كهرباء فكان ذلك حلاً رائعاً لمشكلتي”.

وحول طريقة استخدام مكواة الجمر، فهي لا تختلف عن تأثير المكواة الكهربائية التي لم يعد يستعملها أحد في هذه الأيام، ولكن يجب استخدام مرش خاص للماء، ليتم البخ على قطعة القماش وهذا ما يوفر لها البخار الذي كانت مكواة الكهرباء توفره بضغطة بالإصبع على أحد الأزرار.

باتت العديد من المهن اليوم تكافح للاستمرار بحسب ما أكده الخبير الاقتصادي سنان ديب، مشيراً في تصريحه لـ “أثر” إلى أن العديد من الجبهات تقف في وجه أصحاب المهن أولها جبهة الركود والكساد الاقتصادي وثانيها انصراف الناس عنها إلى ما وفرته التكنولوجيات الحديثة من بدائل، وثالثها تخلي أكثر العاملين في هذا القطاع عن مهنهم التقليدية بحثاً عن مصادر أوفر وأيسر للرزق، لافتاً إلى وجود مهن ازدهرت خلال الأزمة السورية، وعادت إلى الواجهة بقوة، ومنها مهنتا إصلاح السجاد وتبييض الأواني النحاسية، وترميم اللوحات الفنية القديمة التي كانت موجودة في البيوت والتي تضررت بفعل الحرب، ولكن معظم هذه المهن لا تحتاج إلى كهرباء بحكم أنها تصنع باليد.

وأضاف ديب، باتت مشكلة الكهرباء ثاني أكبر مشكلة يعانيها السوريّون بعد الغلاء المعيشي، ولا حديث لهم اليوم غير هاتين المشكلتين، الكهرباء وارتفاع الأسعار، آملين بواقع كهربائي أفضل.

وختم حديثه بالقول: “هناك تأثير سلبي على أصحاب الحِرف التي تعتمد على الكهرباء في دمشق، يأتي من الانقطاع المستمر الذي يتسبب بتوقف أعمالهم ويعرّضهم لخسائر مادية كبيرة، بالمقابل يعزو المسؤولون في وزارة الكهرباء الانقطاع المتكرر إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الحمل على المنظومة الكهربائية”.

نور ملحم

 

اقرأ أيضاً