يتجدد الحديث عن جولة محادثات بين الحكومة السورية و”الإدارة الذاتية ” بوساطة روسيّة، ودون أي شروط مسبَقة من الجانب الكردي، إلا أن الجانب الكردي سُرعان ما أعلن عن شروطه، أما الجانب الروسي مُمثلاً بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فضمن للأكراد بعدم الانحياز إلى جانب الدولة السورية، بحسب ما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر كردية.
ووفقاً لما نقلته الصحيفة فإن هذه الجولة من المحادثات ستكون قائمةً على خطَّين: الأوّل يناقش مستقبل “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا وتنظيم العلاقة بينها وبين الحكومة السورية، ووضْع هيكليتها العسكرية ومشروعيّة وجودها كقوّة مسلّحة، فضلاً عن القضايا المتّصلة بثوابت الدولة، وضرورة اعتراف جميع السوريّين بها، كما في حالة رفع العلم الرسمي فوق كامل الأراضي السورية، وأخيراً حصول المكوّن الكردي خصوصاً على كامل حقوقه السياسية والثقافية، أمّا الخطّ الثاني: فسيناقش قضايا عاجلة، أهمّها مسألة الدفاع المشترك عن الأراضي السورية بوجه التهديدات التركية، وقضية معبر اليعربية، وضرورة فتحه أمام حركة قوافل المساعدات الإنسانية، علماً أنه مغلَق منذ كانون الثاني 2020، بفعل وقف تفويض مجلس الأمن الدولي لاستخدام المعبر من قِبَل الأمم المتحدة لنقل المساعدات إلى الداخل السوري.
وسرعان ما اصطدم التفاؤل بجولة المحادثات هذه بتصريح كردي جديد السورية، نقلتِ “الأخبار” عن نائب الرئاسة المشتركة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية-مسد”، بدران جيا كرد، تأكيده على أن شَرطَي الاعتراف بـ”الإدارة الذاتية” وخصوصية “قسد” العسكرية، لا يمكن التنازل عنهما، ما يعني تعطُّل الحوار مسبقاً، كون الحكومة السورية لن تقبل استنساخ تجربة إقليم شمال العراق على أراضيها، أو مساوقة المشروع الأمريكي لفرْض الفدرلة على سوريا.
أمّا بالنسبة إلى معبر اليعربية، وإمكانية افتتاحه بإدارة مشتركة مع الحكومة السورية، أشارت الصحيفة إلى أن هذا الملف قد يكون النقاش حوله أكثر مرونة، لافتةً إلى أن فتح هذا المعبر قد يكون مفيداً للدولة السورية أيضاً، فيَنبع حديث “قسد” عنه من احتياجها إلى استجرار المزيد من المساعدات الإنسانية للمخيّمات التي تسيطر عليها، والتي انتفت الحاجة إلى وجود بعضها، مثل مخيّمَي أبو خشب وأم مدفع، الواقعَين في منطقة صحراوية بين محافظتَي دير الزور والحسكة، لكن إعادة تشغيل المعبر قد تُفيد دمشق أيضاً، قائلةً: “فتح هذا المعبر قد يكون مفيداً لدمشق عبر ربْط حلب بما تمثّله من ثقل في الصناعة السورية، مع الأراضي العراقية التي تُعدّ أكبر الأسواق القريبة التي تستجرّ المنتجات السورية، وعليه، فلا يبدو أن الاتفاق على هذا الملفّ سيكون صعباً”.
وثمّة ملفات أخرى قد تكون محور خلاف في جولة المحادثات هذه، حيث لفتتِ “الأخبار” إلى الجانب المتعلّق بآلية الدفاع المشترك التي تريدها “قسد” بوجه القوات التركية، قد تكون محط خلاف حيث تَطلب من دمشق استخدام الدفاع الجوّي ضدّ الطيران التركي، من دون أن تعمد في المقابل إلى الانسحاب من أيّ بقعة جغرافية، علماً أن تجربة انتشار الجيش السوري في محيط منبج في ريف حلب الشرقي أثبتت جدواها في حماية المدينة، كما أن انتشاره على خطوط التماس مع القوات التركية والفصائل الموالية لها شمال الرقة والحسكة ثبّتَ بشكل ما خارطة السيطرة، وأنهى عملية التوغّل التركي التي انطلقت في تشرين الأول 2019 تحت مُسمّى “نبع السلام”، منوّهة إلى أن دمشق لن تقبل الذهاب نحو حرب مع تركيا، إن كانت ثمّة خيارات تُجنّبها ذلك، وتوفّر عليها جهداً عسكرياً ووقتاً لمعارك أكثر أهمية في شمال غرب سوريا.