أجرت القوات الأمريكية اليوم مناورات عسكرية مشتركة مع “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” شمال شرقي سوريا، بعد يوم من انتهاء مناورات مماثلة في منطقة الـ 55 كم، أجرتها القوات الأمريكية انطلاقاً من قاعدة “التنف” مع فصيل “جيش سوريا الحرة” عند مثلّث الحدود السورية- الأردنية- العراقية المشتركة.
وجاء في بيان نشرته “قوة المهام المشتركة الأمريكية” في سوريا، على موقعها الإلكتروني، أنّ “أفراداً من القوات العاملة لدى التحالف الدولي، سيجرون تدريبات جوية في محافظتي الحسكة ودير الزور أو بالقرب منهما “للتحقق من أنظمة الأسلحة والحفاظ على كفاءة الطاقم واستعداده”.
وأضاف البيان إنّ “هذه التدريبات تضمن استمرار قدرة التحالف على دعم القوات المحلية الشريكة لها، وحماية أعضاء التحالف في المنطقة”.
وأشارت “قوة المهام المشتركة الأمريكية” إلى أنها “أجرت تخطيطًا شاملًا وتدابير سلامة مناسبة قبل وفي أثناء التدريبات على إطلاق النار الحي، من أجل حماية التحالف والسكان المحليين”.
يأتي ذلك في وقتٍ تكثف فيه واشنطن تحرّكاتها العسكرية في الميدان السوري، حيث وصل إلى القواعد الأمريكية شرقي سوريا منظومة صواريخ “هيمارس” في مطلع حزيران الفائت، إلى جانب الحديث عن نية واشنطن لتشكيل فصائل مسلّحة في تلك المنطقة، وفي هذا السياق سبق أن اتهم مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، واشنطن بالعمل لإنشاء “جيش سوريا الحرة” في محافظة الرقة.
وقال نيبيزيا، في اجتماع لمجلس الأمن : “نود الإشارة من جديد إلى نهج الولايات المتحدة الهدام الذي لم يعد كافياً لها، على ما يبدو، توريد الأسلحة للتشكيلات المسلحة غير الشرعية التي أنشأتها في منطقة شرقي سوريا والتنف”.
وأكد نيبيزيا أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل لإنشاء “جيش سوريا الحرة” في محافظة الرقة بمشاركة عناصر من تنظيم “داعش” وممثلين عن القبائل العربية المحلية “لاستخدامهم في مواجهة السلطات السورية”.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذّر من إنشاء هذا الفصيل في الرقة في اجتماع وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا في 10 أيار الفائت، إذ قال: “حسب معلوماتنا، فقد بدأ الأمريكيون في تشكيل ما يسمى بجيش سوريا الحرة في محيط الرقة السورية بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي داعش ومنظمات إرهابية أخرى، وذلك بهدف واضح وهو استخدام هؤلاء المسلحين في مواجهة السلطات الشرعية في سوريا لزعزعة الاستقرار في البلاد”، مضيفاً: إنّ “هذه القضية بحثها وزراء دفاع الدول الأربع مؤخراً”.
مخطط أمريكي لربط قاعدة التنف بمناطق سيطرة “قسد”
الإعلان عن بدء المناورات العسكرية بالذخيرة الحية في الحسكة ودير الزور، سبقه بساعات الإعلان عن انتهاء مناورات أخرى أجرتها قوات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن في قاعدة “التنف” جنوبي سوريا.
وامتدت المناورات أيام عدة، بالشراكة بين “التحالف” وفصيل “جيش سوريا الحرة”، وشملت التدريب على أنظمة رصد واستطلاع، إضافة إلى استخدام أسلحة مضادة للطيران ورشاشات متوسطة وثقيلة مع التركيز على الجانب الدفاعي.
وذكر فصيل “جيش سوريا الحرة” في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّه “بوصفه جزء من مهمتنا المشتركة لضمان الأمن والاستقرار وتعزيز القدرة القتالية المشتركة في منطقة الـ55 كم، أكمل جيش سوريا الحرة مناورات تدريبية مشتركة استمرت لأيام عدة”.
وفي هذا الصدد، عدّت قناة “الميادين” في تقرير نشرته أنه “على الرغم من أن الفصيل أشار إلى أن المناورات غايتها دفاعية، غير أنها تلمّح إلى وجود مخطط أمريكي لربط قاعدة التنف بمناطق سيطرة “قسد” في شمال شرقي سوريا، بالاعتماد على قوات من أبناء العشائر، التي تواصل الولايات المتحدة العمل على تشكيلها في مناطق سيطرة “قسد”.
ونقلت “الميادين” عن مصادر ميدانية قولها إنّ “الولايات المتحدة لم تتمكن حتى الآن من تشكيل أي نواة لقوة عشائرية، تهدف لحماية قواعدها في شمال شرقي سوريا من الهجمات، وتشكيل ميليشات تابعة لها بشكل مباشر”، مشيرةً إلى أنّ “قسد لا تريد الانخراط في هذه القوة، وربما تعمل على عرقلة تشكيلها أيضاً، وهو ما يعطي مؤشرات عن فشل أولي لهذا المخطط”.
وأوضحت المصادر أنّ “الحديث عن سعي أمريكي لربط قاعدة التنف بقواعدها في شمال شرقي سوريا أمر مبالغ فيه، لاستحالة ذلك في ظل انتشار الجيش السوري والقوات الرديفة في كامل البادية التي تربط التنف ببادية حمص وصولاً إلى البوكمال”.
ولفتت إلى أنّ “التحالف يحاول الضغط على المقاومة الشعبية لمنعها من توسيع عملياتها ضد الوجود غير الشرعي للقواعد الأمريكية جنوب وشمال شرقي البلاد”.
يشار إلى أنه في مطلع حزيران الجاري، كشف مسؤولون استخباراتيون أمريكيون وثائق سرّية مسرَّبة أنّه ستبدأ في المرحلة المقبلة موجة من الهجمات العنيفة ضد القوات الأمريكية في سوريا، في وقتٍ تعمل فيه إيران مع روسيا على استراتيجية واسعة لطرد الأمريكيين من المنطقة.
ووفق تقييم استخباري، ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقريرٍ لها، فقد “عقد مسؤولون عسكريون واستخباريون رفيعو المستوى، من روسيا وإيران وسوريا، لقاءً في تشرين الثاني 2022، اتفقوا فيه على إنشاء مركز تنسيق لتوجيه حملة الهجمات على الأمريكيين”، مشيرةً إلى أن “الوثائق لم تُشِر إلى تورط روسي مباشر في التخطيط لتلك الهجمات، لكنها أشارت إلى دور أكثر نشاطاً من جانب موسكو في مناهضة الولايات المتحدة”.
أثر برس