نبّه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير له قبل أيام، إلى أن قدراته على الاستجابة الإنسانية لا تزال مقيدة بفعل انخفاض التمويل.
وبيّن “أوتشا” أن التمويل لم يتجاوز حتى الآن 24% من المبلغ المطلوب في 2024، أي نحو 960 مليون دولار من أصل 4.07 مليار دولار طلبت الأمم المتحدة توفيرها لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج في جميع أنحاء سوريا.
وفي هذا الصدد، أكد كل من المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية رامناتن بالكرشنن، في بيان مشترك أنه “على الرغم من التطورات الإيجابية فيما يتعلق بتجديد إمكانية الوصول إلى أجزاء معينة من شمال شرقي سوريا، إلا أن الوضع العام لا يزال مزرياً”.
وفي كانون الأول 2023 أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه في كانون الثاني 2024 سينهي برنامجه للمساعدات في جميع أنحاء سوريا، موضحاً أن هذا القرار يشمل سوريا والدول المجاورة لها التي تستضيف لاجئين سوريين.
وأوضح البرنامج حينها أنه بات “غير قادراً على تقديم الغذاء بمستوياته السابقة في خضم أزمة تمويل تاريخية” لافتاً إلى أن الجهات التي سيقتصر عليها الدعم من برنامج الأغذية العالمي في المرحلة المقبلة هم “الأطفال دون سن الخامسة، الأمهات الحوامل والمرضعات، الأطفال في المدارس ومراكز التعلم في برنامج الوجبات المدرسية، الأسر الزراعية المدرجة في برنامج دعم سبل العيش”.
وفي أيار 2022 أكدت منظمة “العفو الدولية” في تقرير لها أنه على مدى الأشهر العشرة الماضية، انخفضت المساعدات الدولية للقطاع الصحي بأكثر من 40% بسبب الانخفاض العام في المساعدات الدولية لسوريا، مما ترك 3.1 مليون شخص في وجه أزمة صحيّة، إذ أن إغلاق المستشفيات مع انخفاض الخدمات وارتفاع تكلفة الرعاية الصحية الخاصة يجعل الحصول على الرعاية الصحية صعباً للغاية، كما خفّضت بريطانيا ميزانيتها من 0.7% من إجمالي الناتج المحلي إلى 0.5.
وفي مراجعة حديثه أجرتها “هيئة التخطيط والتعاون الدولي” في سوريا، للمشاريع الإغاثية المنفّذة من قِبل المنظمات الأممية والدولية وتوزُّعها القطاعي في هذا البلد، ونقلتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية، فإن دمشق وضعت ثلاث ملاحظات أساسية على خطط الاستجابة تلك.
ووفق ما نقلته الصحيفة، فإن الملاحظة الأولى تمثلت في تواضع حجم ما جرى توفيره من تمويل قياساً إلى قيمة الموازنات المعلنة؛ مشيرة إلى أنه عام 2015، بلغت نسبة التغطية الفعلية للموارد المالية المطلوبة للخطة ما نسبته 42.9% من الموازنة التقديرية الإجمالية البالغة حوالى 2.893 مليار دولار، ووصلت في عام 2023 إلى ما يزيد على 80%، خاصة مع إعلان “برنامج الأغذية العالمي” تخفيض المسـاعدات الإغاثية عام 2023، وتوقّف معظمها عام 2024، أمّا الملاحظة الثانية، فهي عدم توضيح البيانات الأممية لحجم الإنفاق الفعلي، بمعنى أنها لا تعطي رقماً دقيقاً عـن نسـبة الموارد التي خُصّصت وأُنفقت بشكل مباشر لتلبية الاحتياجات الإنسـانية، وبالتالي مساهمتها في التخفيف من حدّة الفقر لدى المتضرّرين نتيجة ظروف الأزمة، والملاحظة الثالثة تتعلّق بطبيعة المسـاعدات، والتي تلبّي بمجملها الجانب المعيشي ولا تتضمّن برامج ذات أثر تنموي بالمعنى الفعلي.
وفي أيار 2024 أصدر البنك الدولي أمس السبت، تقريرين حول الوضع المعيشي للسوريين في الداخل والخارج، أشار فيه إلى أن “27 في المئة من السوريين، أي نحو 5.7 ملايين نسمة، يعيشون في فقر مدقع” موضحاً أنه “على الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعلياً قبل اندلاع الحرب، لكنه طال أكثر من واحد من كل أربعة سوريين عام 2022، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال شباط 2023”.
وأشار الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي زياد غصن، في مقال نشره “أثر برس” إلى أن كثير من الاستنتاجات تؤكد أن معالجة الأوضاع الاقتصادية في عموم البلاد تبدأ باستعادة الدولة سيطرتها على ثروات وموارد البلاد كاملة واستثمارها بشكل متوازن في تنمية جميع المناطق.
وتتوزع موارد البلاد (النفط والقطن والقمح والزيتون وغيرها) بين مناطق عدة، إذ تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” بدعم من القوات الأمريكية على المنطقة الشرقية للبلاد الغنية بحقول النفط والغاز، وعمدت القوات الأمريكية على إنشاء قواعد عسكرية عند تلك الحقول، وأبرزها “قاعدة حقل العمر النفطي، قاعدة حقل غاز كونيكو، قاعدة رميلان…” كما تسيطر “قسد” على مساحات من الأراضي التي يتم فيها زراعة القمح والشعير والقطن، بينما تسيطر القوات التركية وفصائل شمالي سوريا على أراضي زراعية خصبة سيما منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.