يبدو أن المشهد الإنساني في دمشق وغوطتها بدأ يتدهور شيئاً فشيئاً بعد تكثيف الرمايات المتبادلة بين القوات السورية والروسية من جهة ومن قبل فصائل المعارضة من جهةٍ أخرى، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من كلا الطرفين.
ولكن السؤال: من السبب في ذلك بعد أن كانت الأمور تذهب باتجاه هدن ووقف الأعمال القتالية هناك؟
تتوجه أصابع الاتهام من مختلف الأطراف إلى “جبهة النصرة” جناح تنظيم “القاعدة في الشام” التي وصفها بعض الناشطين المعارضين في الغوطة على أنها “ورم خبيث ينشر الدمار أينما حل” بالإضافة إلى حليفها “فيلق الرحمن”.
ويرى خبراء عسكريون بأن ما يجري في الغوطة جاء بعد محاولات متكررة من قبل “جبهة النصرة” لإفشال اتفاقات التهدئة كونها ستنتهي بإخراجها، لذلك عمدت مع حليفيها “فيلق الرحمن وأحرار الشام” إلى شن هجمات على التماسات الفاصلة مع القوات السورية بهدف تعطيل تلك الاتفاقات والذهاب إلى الفوضى، عن طريق تخطي بعض الخطوط الحمراء التي سينتج عنها ردة فعل سورية – روسية كما يجري حالياً، وسيخفف من وطأة الحديث عن إخراجها.
وتحدث ناشطون معارضون عن أن سبب الاقتتال الداخلي في الغوطة الذي حصل في أواخر عام 2015 والذي أدى إلى سقوط عشرات الضحايا من مدنيي الغوطة، كان “جبهة النصرة” نتيجة خلاف عقائدي بين “جيش الإسلام” و”جبهة النصرة” دفع الأخيرة لإقناع “فيلق الرحمن” للدخول في تلك المعركة.
وإضافةً إلى دور “النصرة” يأتي دور قادات الفصائل في الداخل مثل “جيش الاسلام” في دوما الذين بإمكانهم الموافقة على فتح معابر إنسانية لإخراج المدنيين القاطنيين في مناطق العمليات العسكرية التي تقصف منها العاصمة دمشق بعشرات القذائف، والتي ستقابل بهذا التصعيد العسكري الذي نشاهده اليوم، إلا أن قيادات تلك الفصائل ترى في ذلك مكسب يبقي على سلطتها التي اكتسبتها خلال الحرب.
يأتي كل ذلك بالتوازي مع دور الدول الداعمة لفصائل الغوطة وعلى رأسها قطر والسعودية والتي تقوم بالضغط على قيادات فصائل الداخل لعدم القبول بالدخول في مفاوضات مع السلطات السورية من أجل الظهور بأنها صاحبة قرار إقليمي في المفاوضات الدولية على حساب مدنيي الغوطة ودمشق الذين يدفعون ثمن ظهور تلك الدول بهذه الصورة.