خاص|| أثر برس منذ بدء الحديث عن نية القوات السورية لبدء عملية إدلب، لاستعادة المحافظة والمناطق المحيطة بها، حاولت تركيا وغيرها من الدول الداعمة للمجموعات المسلحة التشديد على ضرورة منع البدء بهذه المعركة متخذين حجج وذرائع عديدة أبرزها حماية المدنيين الموجودين في تلك المناطق.
لكن الدولة السورية كانت مصرة على هذه العملية، خصوصاً بعدما أكدت تركيا أنها لا تستطيع الالتزام ببنود الاتفاقات التي تم التوصل إليها في أستانة بخصوص إدلب والمناطق المحيطة بها وحفاظاً على سلامة المدنيين، أعلنت الدولة السورية قبل إطلاق هذه المعركة عن فتح معابر إنسانية لتأمين خروجهم من المدينة تجنباً لإلحاق أي ضرر بهم.
وما إن بدأ المدنيون بالتوجه إلى هذه المعابر للخروج هرباً من انتهاكات “جبهة النصرة” وباقي الفصائل قامت “جبهة النصرة” بمنعهم من الخروج لا سيما الشباب منهم، حيث أفادت وكالة “سبوتنك” الروسية حينها بأن العديد من المدنيين اجتمعوا أمام معبر أبو الظهور للخروج عبره لكن مسلحو “جبهة النصرة” بدأوا بترهيبهم والاعتداء عليهم بالضرب واعتقال بعضهم ومصادرة سياراتهم وممتلكاتهم.
والآن بعد بدء المعركة وخسارة “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة للعديد من المناطق الاستراتيجية، تسلط تركيا الضوء على ضرورة حماية المدنيين الموجودين في المحافظة والذين منعتهم “النصرة” مسبقاً عن الخروج من المعابر الإنسانية، مشيرة إلى أن السبيل لحمايتهم هو وقف هذه العملية العسكرية.
وفي ظل تبني تركيا للخطاب الإنساني من خلال حديثها عن الوضع المأساوي الذي يعيشه المدنيون، أعلن “المرصد” المعارض اليوم أن حرس الحدود التركي قتلوا مدنيين هاربين من إدلب إلى الشمال السوري حيث وصل عدد الضحايا المدنيين 424 ألف بينهم 78 طفل، في الوقت الذي يتم تسهيل خروج عوائل مسلحي “جبهة النصرة” الذين نقلتهم القوات التركية إلى الشمال السوري وتوطينهم في المناطق التي احتلتها مسبقاً بدل سكان تلك المدن الأصليين حيث بلغ عدد الأشخاص الذين تم توطينهم في مناطق عفرين أكثر من 60 ألف شخص من هذه العوائل بحسب ما أكدته عدة وسائل إعلام حول هذا الموضوع.
يعتبر ما ذُكر صورة من تلك الصور التي تُظهر الوضع المأساوي الذي يعشيه المدنيون في المناطق التي تسيطر عليها “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة الموالية لتركيا لإدلب ومحيطها، حيث قدم مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أدلة تؤكد أن “النصرة” تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية، وذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن في 28 آيار الفائت.
وتتمثل هذه الصور بالاعتقالات التعسفية بحق المدنيين، ولجوء “النصرة” إلى وضع أسلحتها في مناطق مدنية إضافة إلى الاقتتالات التي كانت تجري بين “النصرة” والفصائل المسلحة في المناطق السكنية والتي كانت عن تسفر عن وقوع ضحايا وإصابات بين المدنيين.
يشار إلى أنه منذ أن بدأت العملية العسكرية في ريف حماة الشمالي والتي وصلت خلالها القوات السورية إلى حدود إدلب الإدارية، تدعو تركيا وغيرها من الدول الداعمة للمجموعات المسلحة إلى إيقافها بذريعة السعي للحل السياسي، إلى أن بدأت هذه الدول بالحديث عن إيقاف العمليات العسكرية خوفاً على حياة المدنيين، لكن بالنظر إلى ما تمارسه القوات التركية بحق المدنيين اليوم وبالعودة إلى الوراء في الزمن قليلاً نستطيع معرفة المسؤول عن معاناة المدنيين، ونكتشف أيضاً أنه ليست “جبهة النصرة” فقط من كان يريد الاحتفاظ بالمدنيين لاتخاذهم كدروع بشرية، بل أيضاً تركيا كانت ترغب بالحفاظ على الوجود المدني في إدلب لتحتفظ فيهم كورقة تظهرها أمام المجتمع الدولي عند الحاجة.
زهراء سرحان