خاص|| أثر برس في “عيد الحب” يكسر كبار السن المتعارف عليه أن هذه المناسبة حكر على المراهقين والشباب، وأنه لا يليق بمن خالط الشيب شعره أن يحتفل بهذا العيد، وبعبارات كثيرة أولها “عيب” وليس آخرها “بعد الكبرة جبّة حمرا” و”شو تركتوا للمراهقين” و”ما بتليق بأعماركم”، وغيرها الكثير من العبارات التي تحاول أن تثني “الكبار” عن البقاء بروح الشباب والتعبير عن حبّهم الذي لا يقيده العمر.
أم زيد، سبعينية تعيش في مدينة طرطوس، تحمل بيدها وردة حمراء تشتم عطرها وكأنها تحاول أن تستحوذ بها لآخر رائحة تفوح منها فلا يذهب للهواء أي عبير، فهي هدية عيد الحب من أبي زيد، وبينما تلامس الوردة أنفها كانت ملامح الشابة العشرينية التي تنضح بالعشق تعود بالزمن أكثر من أربعين عاماً خلت، وهي تسترجع كيف كانت تتلقى في كل عيد الوردة من زوجها، من دون أن يمر هذا اليوم من دون وردتها الحمراء التي تثبت لها أنها المعشوقة الأولى والأخيرة وأنها الأجمل في نظر أبي زيد مهما تقدّمت بها السنون.
بغرور الصبايا وحيائهن، تروي أم زيد لـ”أثر”: “ما زلت ست الصبايا في عين أبو زيد مهما كبرت، فالعمر ليس سوى رقم مدوّن على الهوية فيما القلب ما زال شاباً ينبض بالحب طالما في العمر بقية”، وتضيف: “منذ أن تعرفت إلى زوجي صالح، حينما كان عمري 21 عاماً، وهو يواظب على إهدائي وردة حمراء في عيد الحب، ويقول لي جملته المعتادة: لأحلى وردة بحياتي”.
وتابعت: “على الرغم من أننا أصبحنا جدّين، فإننا لا نزال عاشقين، والجميع من حولنا يحسدوننا على الحب الذي لا يزال متوهّجاً بيننا، فالحب يزداد مع الأيام عندما تدعمه (العشرة) والتفاهم والثقة وتقاسم الهموم والأفراح ومتاعب الحياة”، مؤكدة أنه مرات عدة تختلف مع زوجها في مشاكل الحياة المعيشية، وما إن يشعر زوجها بزعلها حتى يسارع إلى مراضاتها حتى لو كانت على خطأ حتى لا يراها حزينة بقوله: “الزعل ما بيلبقلك”.
وأضافت أم زيد: “على الرغم من التعليقات التي أسمعها من أقاربي والجيران، بأن مواظبة زوجي على إهدائي وردة حمراء في عيد الحب تصرفات (مولدنة) ولا تليق بأعمارنا ومكانتنا كجدّين وقد خالط الشيب شعرنا ولم يبق في العمر كثيراً، فإننا لا نستمع إليهم، وأجيب عن تعليقاتهم بابتسامة مترافقة بعبارة (شو بعرفكم أنتم بالرومانسية)”.
وبرأي أم زيد، الحب لا يعرف كبيراً ولا صغيراً، وليس حكراً على الشباب، ولا يقتصر على العاشقين، فعيد الحب مباح لمن استطاع التعبير عنه، فالعاشق يبقى عاشقاً مهما كبر في السن.
قصة الحب نفسها تعيد ترجمة المشاعر التي لا تموت بالتقادم، فأم فراس “الستينية” ما زالت تشعر بالسعادة الكبيرة في عيد الحب عندما يقدم لها زوجها هدية في هذه المناسبة، من دون أن تكون لها هوية محددة.
وتقول أم فراس لـ “أثر”: “أفرح جداً بهدية زوجي في عيد الحب، أكثر من عيد الأم، لأن هذه المناسبة لا يشاركه فيها أحد، بخلاف عيد الأم الذي أتلقى فيها الهدايا من الأولاد أيضاً”، مشيرة إلى أنه في كل عيد يجلب لها هدية، سواء عطر، أم ألبسة، أم حذاء.
وأضافت: في هذا العيد جلب لي منديلاً حريرياً، وقال لي “أنتِ ست الصبايا وأجمل منهم”، وبروح الفكاهة أضاف أني “على الأقل طبيعية وليس كعدد كبير من النساء اللواتي أصبحن يتشابهن كثيراً بفعل عمليات التجميل”.
وأكدت أم فراس أن الزوجين مهما كبرا في السن، جميل أن يعبرا عن محبتهما في هذا اليوم، ولو بكلمة واحدة من دون أي هدية، فعدا عن أنه تعبير عن ديمومة الحب بينهما، فإن ذلك يحفز الشباب على الصدق في المشاعر والمحافظة على الحب الذي يجمّل جميع العلاقات الإنسانية ولا يقتصر على العلاقة بين العاشقين فقط.
تجدر الإشارة إلى أن الأسواق شهدت إقبالاً على محال الهدايا والورود إثر قدوم عيد الحب الذي يصادف اليوم 14 شباط الجاري، وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار الهدايا وباقات الورود فإن الطلب على شرائها كبير بحسب ما أكده عدد من أصحاب المحال لـ “أثر”.
يشار إلى أن أصل الاحتفال بعيد الحب أو المعروف بـ “الفالنتاين” للقديس فالنتين الذي اهتم بالحب والعشاق منذ العهد الروماني.
صفاء علي ــ طرطوس