خاص أثر || رضا توتنجي
تغيراتٌ وتبدلاتٌ عديدة تشهدها هيكلية الفصائل المعارضة و”الجهادية” في إدلب وأرياف حماة وحلب، فبعد هدوء دام لأشهر عادت المعارك لتشتعل من جديد بين “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة وحلفائها” وتحالف فصائل معارضة على رأسها “حركة أحرار الشام” و”نور الدين الزنكي” وسط تغيير في حالة الولاءات لدى بعض القوى.
تغير المشهد الميداني في منطقة عفرين من شأنه التأثير على أولويات الداعم التركي لأي فصيل على حساب الآخر لإنجاح مشروعة الجديد، فبعد التحالف غير المعلن بين “هيئة تحرير الشام” والحكومة التركية وفتح “الهيئة” الطريق أمام القوات التركية للدخول إلى المنطقة الفاصلة بين إدلب وعفرين لإحكام الحصار على الأخيرة، يبدو أن التطورات الميدانية في محيط عفرين قد بدأت تغير أولوية الأتراك بالنسبة للفصائل.
تمكن القوات التركية من وصل مناطق “درع الفرات” في شمال حلب مع منطقة إدلب أظهر مشروع تركي قد يؤدي إلى تغير أوراق اللعب التركية في سوريا، فلا يمكن للأتراك الخروج بصيغة منطقة آمنه للمعارضة المعتدلة في حال بقاء “هيئة تحرير الشام” المصنفة تحت قائمة الإرهاب عالمياً، لذلك بدأت تحاول تركيا إنهاء وجود أحد أهم العوائق التي تعرقل مشروعها، وبدا ذلك واضحاً من خلال تغير سياسة بعض محطات المعارضة المدعومة تركياً في طريقة تعاطيها مع “الهيئة” واصفةً إياها بالعدو الحقيقي للسوريين بعد أن كانت تتعاطى معها على أنها إحدى القوى العسكرية التي تتعارض نوعاً ما مع بعض أهداف “الثورة”.
إلا أن المعارك القائمة منذ عشرين الشهر الماضي لا تسير كما يريد الجانب التركي حيث شهدت المعارك خلال الأيام الماضية تحولاً بارزاً تمثّل في استعادة “الهيئة” توازنها بعد تراجعها في عدة مناطق، حيث تمكنت من السيطرة على مدينة معرة مصرين في ريف إدلب الشمالي، إضافة إلى عدد من القرى والبلدات مثل “رام حمدان وكفر يحمول، وترمانين، وتلعادة، ودير حسان، وقاح، وأطمة”
وجاء ذلك التقدم بفضل دخول “الحزب التركستاني” المعركة إلى جانب “الهيئة”، دون وجود أي بيان رسمي حول دخوله في المعركة ويشهد “الحزب” حالة من الانقسام هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب السورية بين مؤيد لمساندة “الهيئة” ومعارض لأي تدخل في ما وصف بـ “الفتنة”.
وإذا ما استمرّ الانقسام على هذه الصورة، يبدو محتملاً أن تمهّد أحداث إدلب لتحوّلات تطال بنية “الحزب التركستاني” وتجعلها مرشحّة للتفكّك ، يأتي ذلك بالتوازي مع وقوف “فيلق الشام” إلى جانب “الهيئة” من دون إعلان رسمي أيضاً لتتمكن بذلك بعض القوى المعارضة للمشروع التركي من الوقوف في وجهه، ما قد يشير إلى إمكانية حدوث عمليات عسكرية تركية مساندة للفصائل التي تحارب “الهيئة” بعد فشلها في ذلك وتكون تلك العملية بحجة القضاء على الإرهاب العالمي والمتمثل بـ “الهيئة”.
ويرتبط “الفيلق” بشكل وثيق مع قطر ما يدل على أن العمليات الأخيرة لم تروق للجانب القطري الذي يرتبط بشخصيات نافذة في”الهيئة” وبدا لافتاً ما أكدته مصادر “جهادية” معادية لـ” الهيئة” حصلت عليها صحيفة “الأخبار اللبنانية” عن وجود دعم أميريكي خفيّ “للهيئة” وتجلى الدعم من خلال تواطؤ مجموعات محسوبة على الأميريكين، وخاصة “جيش إدلب الحر”، وتم إمداد “الهيئة” بالسلاح والذخائر خفيةً وفقاً للمصادر نفسها.
ويرى مراقبون بأن الجانب الأميركي لا يريد للنفوذ التركي بالتوسع بهدف الحفاظ على مشروعه هو الآخر في شمال شرق سوريا، ما قد يذهب بالمشهد إلى صورة نزاع إقليمي بين الدول المتفقة على اسقاط حكومة دمشق عن طريق الإقتتال بالسوريين المنتسبين إلى تلك الفصائل والذين لا يعلمون بأنهم أدوات لقوى إقليمية تتصارع بدمائهم.