خاص || أثر برس تعتبر مهنة تبييض النحاس من المهن التراثية في سوريا قبل عقود خلت، حيث كان المبيض مقصداً للعديد من الأهالي لتبييض الأواني المنزلية المصنوعة من النحاس، ومع تطور الحياة ودخول العديد من المعادن في صنع الأواني المنزلية بدأت هذه المهنة بالتلاشي والانقراض.
عند نهاية سوق أوغاريت في مدينة اللاذقية يجلس الحرفي “زهير كاج” في محله المتواضع، يعمل على تجديد الأواني عبر تبييضها بخبرة تجاوزت 35 عاماً، فهو من الحرفيين العاملين في هذه المهنة والذين لا يتجاوز عددهم في المدينة عدد أصابع اليد.
يقول “كاج” لـ”أثر”: تراجعت مهنة تبييض النحاس بشكل كبيرة بسبب قلة عدد مستخدمي الأواني النحاسية في هذه الأيام، مدللاً على ذلك بوجود الغسالات الكهربائية بديلاً عن أواني الغسيل النحاسية القديمة، بالإضافة إلى انتشار الأواني المصنوعة من “الكروم، الستانلس، التيفال، الزجاج البورسلان”، بديلاً عن “الطناجر، الصحون والأباريق” وغيرها، مبيناً أن تجارة الأواني النحاسية والمعروفة بالنحاسيات والشرقيات عادت لتنشط مجدداً في اللاذقية بشكل خجول.
وأضاف “كاج”: كانت الأواني سابقاً تبيض من فترة لأخرى نتيجة تأكسدها مع العوامل الجوية أثناء الطبخ والحرارة والشمس حيث تتشكل طبقة خضراء على هذه الأواني تُزال وُتنظف عن طريق التبييض، الذي يعتمد على حرق المعدن مع إضافة مياه النار والقصدير والرمل.
وأردف “كاج”: لم يدخل على هذه المهنة تعديلات تذكر، باستثناء إدخال لهب الغاز أو الكيروسين بدلاً من الفحم، أما مواد التبييض وطرقه لا تزال على حالها، ويعد القصدير والرمل وروح الملح والأسيد أبرز هذه المواد وأكثرها استعمالاً، بحيث تُزال الطبقة السامة وتصبح جاهزة للاستخدام.
وختم “كاج” حديثه بالقول: أصبحت هذه المهنة مقصداً لمحبي الأواني التراثية التي ُيحتفظ بها للزينة في المنازل مثل الصمديات والهاون واللكن الكبير المستخدم سابقاً للقمح ودلات القهوة والأراكيل التي نعمل على تلميعها بالصابون الأصفر الخاص لتصبح صالحة بعدها للاستخدام.
تجدر الإشارة إلى أن مهنة تبييض الأواني النحاسية التي كانت منتشرة سابقاً تعتبر من المهن التقليدية القديمة ولا يقتصر وجودها على مدينة معينة حيث يلجأ الناس إليها لتجديد كافة الأواني النحاسية المستخدمة في المنزل، حتى تحولت مع مرور الأيام إلى مقصد لكل من يهتم بالأواني التراثية وإعادة الألق إليها.
زياد سعيد – اللاذقية