خاص || أثر برس أقر مجلس الشعب الموازنة العامة لسورية للسنة المالية 2021، بقيمة إجمالية قدرها 8.5 تريليون ليرة سورية، وتزيد الموازنة القادمة بنحو الضعف عن موازنة السنة الحالية والبالغة 4 تريليونات ليرة سورية.
وتتوزع النفقات العامة في موازنة عام 2021 على بندي: نفقات جارية (رواتب وأجور وتعويضات) بنحو 7 تريليونات ليرة، وما تبقى عبارة عن إنفاق استثماري، وتضمنت الاعتمادات نحو 3.5 تريليون ليرة للدعم الاجتماعي، و50 مليار لصندوق دعم الإنتاج الزراعي و50 مليار لصندوق المعونة الاجتماعية وتنمية المرأة الريفية.
العجز وسياسة التقشف
الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السابقة، كشفت لـ “أثر برس”، أن مشروع الموازنة العامة لعام 2021 تعتبر الأكبر حجماً في تاريخ الموازنات السورية باعتمادات قدرها 8500 مليار ليرة سورية، بينما بلغت موازنة عام 2020 ما قيمته 4 آلاف مليار ل.س أي أنها كبرت بأكثر من الضعف، أما قيمة موازنة 2021 بالعملات الأجنبية حسب السعر الرسمي للدولار (1256ل.س) تبلغ 6,67 مليار دولار، بينما بلغت موازنة 2020 بالسعر الرسمي 9,17 مليار دولار، أي أن الموازنة العامة للدولة تزداد بالليرات السورية وتتناقص بالعملات الأجنبية.
وبينت د.عاصي أن عجز الموازنة 2021، بلغ 3484 مليار ليرة سورية يعني أكثر من ضعف العجز المالي لعام 2020، حيث بلغ 1400 مليار ليرة أي ما يعادل 2,8 مليار دولار بالسعر الرسمي، وحيث أنه لا يتضمن مشروع الموازنة عادةً أي إشارة إلى كيفية تغطية العجز، فهل سيتم باللجوء إلى التمويل التضخمي وهو عملية تنطوي على مخاطر حقيقية تهدد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أم بإصدار أذونات خزينة لبيعها للمصارف العامة والخاصة في محاولة لتغطية جزء من العجز.
أما وزير المالية فقد توقع أن يتم معالجة العجز المالي في الموازنة العامة بزيادة الإيرادات الجارية وتخفيض قيمة العجز الكلية، وذلك من خلال تعديل النظام الضريبي وزيادة كفاءة التحصيل دون فرض مطارح ضريبية جديدة وتعزيز العدالة الضريبية، ومن ذلك يمكن الاستنتاج أن الدولة تتوقع الحصول على إيرادات غير منظورة وغير مجدولة.
رفع الدعم
وأوضحت د.عاصي أن عملية رفع الدعم تحتاج إلى تخطيط وإجراءات شاملة، أهمها: تصحيح الأجور للعاملين في الدولة والقطاع الخاص إضافةً إلى المياومين والفئات الهشة مادياً ومنهم الفقراء الذين ليس لديهم دخل ثابت.
واعتبرت أنه من غير الممكن رفع الدعم وترك هؤلاء الناس يعانون من ارتفاع سعر الخبز والرز أو قيمة فواتير الكهرباء والمشتقات النفطية وغيرها وليس لديهم القدرة على تحمل التكاليف الحقيقية، مضيفةً: “على الرغم من الآثار الإيجابية لرفع الدعم على الاقتصاد الوطني، ولكن لا يمكن رفع الدعم بطريقة غير مدروسة”.
زيادة الرواتب
وأفادت وزيرة الاقتصاد السابقة بأن ارتفاع حجم اعتمادات النفقات الجارية بما تشمله من (الرواتب والأجور والتعويضات) حدث بسبب تضمين آخر زيادة للرواتب مبلغ (20 ألف ل.س) 21 تشرين الثاني 2019، لم يتم تضمينها في موازنة 2020 آنذاك، أضيفت إلى كتلة الرواتب في الموازنة العامة 2021، وبذلك فإن ارتفاع مبلغ الاعتمادات له سبب رئيسي هو تضمين زيادة الراتب القديمة ورفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 500 ل.س على 1250 ل.س.
وأضافت أنه “عادة لا يتم إدراج زيادات الرواتب في الموازنة العامة للدولة، وإنما تقرر الزيادة وطريقة تمويلها حين إصدارها”.
الرواتب وحل مشاكل الناس المعيشية
وفي رد على سؤال لـ “أثر برس” أكدت د.عاصي أنه لا حلول سحرية في الأفق، متوقعةً أن تستمر الضغوط المعيشية والخدمية، لأنها مرتبطة بالوضع الأمني والسياسي في سورية، والزيادات على الرواتب لا تحل المشاكل المتعلقة بالقدرة الشرائية للمواطن بل إن التمويل التضخمي أي اللجوء على إصدار كميات جديدة من النقد بدون أي تغطية، في تمويل مثل تلك الزيادات يمكن أن يزيد ويفاقم وضع تآكل قيمة الليرة السورية.
وتابعت “الكل يعرف أن الزيادات في الرواتب غالباً ما ترافقها زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات تفوق تلك الزيادة، وبالتالي يتردى المستوى المعيشي للناس ولا يتحسن”.
وخلال السنوات العشر الأخيرة مرت الموازنة العامة في سورية بتطورات هامة لاسيما في حجم الإنفاق ونسبة العجز، ويعود ذلك للظروف الاستثنائية التي لاتزال تمر بها البلاد وتلقي بأعبائها على الاقتصاد.
وتقوم الموازنة العامة على أن تضع الدولة خطط مالية تتضمن تقديراً للنفقات والايرادات العامة للدولة لسنة مالية مقبلة وتجاز بواسطة السلطة التشريعية قبل تنفيذها، هذا يعني أن للموازنة عنصريين أساسيين هما التقدير والاعتماد، الأول يعتمد على تقدير أرقام الإيرادات والنفقات وذلك خلال فترة زمنية مستقبلية غالباً ما تكون سنة، أما الثاني فيقصد به حق السلطة التشريعية في الموافقة على تقديرات السلطة التنفيذية من إيرادات ونفقات عامة، ويتم المقارنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها لتحديد ما إن كان هناك فائض أو عجز في الموازنة.
حنان صندوق