أثر برس

مولات مصغرة تغزو شوارع دمشق.. حبزة: هذا درسٌ قاسٍ للصناعيين

by Athr Press G

خاص|| أثر برس شهدت الأسواق السورية، وخاصة في العاصمة دمشق، تدفقاً غير مسبوق للبضائع الأجنبية والعربية الواردة من دول الجوار عقب سقوط النظام السابق، بشكل أشبه بـ”مولات مصغرة” ملأت الأرصفة والشوارع، حيث أزيلت القيود التي كانت مفروضة على الدولار وتراجعت الرسوم الجمركية المرتفعة، ما أدى إلى عودة السلع التي غابت لسنوات بسبب الحرب.

انتشار كبير: 

ووفقاً لما رصده “أثر برس” في شوارع العاصمة دمشق، غمرت المنتجات الغربية وبضائع دول الجوار الأسواق السورية خلال الأسابيع التي تلت انهيار النظام، حيث باتت المحال التجارية في دمشق تعرض علناً المياه المعدنية التركية، ومستحضرات التجميل الأجنبية، وعبوات الحليب بأنواعها، إلى جانب علامات تجارية عالمية لأنواع الشوكولا والشيبس، بعد أن كان التجار سابقاً يخفون هذه المنتجات ويبيعونها سراً لزبائن محددين.

وفي حديثه مع “أثر برس” يشرح أحد البائعين ممن اتخذ من رصيفاً قريباً من منزله مكاناً لعرض بضائعه، أن السلع المستوردة كانت تصل إلى محافظة إدلب عبر تركيا، لكن بعد سقوط النظام، باتت هذه البضائع تتدفق بحرية إلى مختلف أنحاء سوريا، إلى جانب المنتجات القادمة من لبنان.

يقاطعه أحد الزبائن بالتأكيد على أن توفر هذه السلع يشعره بالراحة خاصة أنه كان يعاني في تأمين حليب الأطفال المجفف لابنه خلال السنوات الماضية بسبب تعثر الاستيراد والاحتكار وما إلى ذلك.

بينما تقول إحدى السيدات: “ليس طعناً بالبضائع المحلية، لكن هناك منتجات اعتدنا عليها لم يستطع المنتج المحلي منافستها مهما كانت نسبة التقليد، أتحدث هنا عن بعض مستحضرات التجميل كالكريمات مثلاً”.

سلبيات وإيجابيات هذه البسطات الجديدة:

هذا الارتياح بالنسبة للأهالي يقابله حالة عدم ارتياح من قبل الصناعيين الذين وجدوا بهذه المنتجات منافساً لبضائعهم، وهنا يشرح أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة لـ”أثر برس” ما حصل حتى وصلت الأمور إلى ماهي عليه فيقول: “مع سقوط النظام السابق تم فتح الحدود السورية كافة مع الدول المجاورة وازدادت عمليات التهريب لكل المواد الجديدة المطروحة بالأسواق حالياً”

ويرجع “حبزة” سبب انتشارها وإقبال الأهالي على هذه البسطات، إلى الحرمان السابق من هذه المواد خلال الفترة السابقة، إذ كان هناك نوع من التشوق لهذه المواد ورغبة باقتنائها، وشجعهم على ذلك أكثر انخفاض أسعارها نسبة إلى تدني الدخل، لكن طريقة عرضها وتداولها بالأسواق على البسطات والأرصفة أحدثت فوضى عدا عن تعرضها للمؤثرات الجوية.

وانتشار المواد الجديدة إيجابيات وسلبيات تحدث عنها “حبزة”، بدأها بالتحذير من السلع الغذائية الجديدة بسبب عدم وجود فحص للمواد الأولية الداخلة في تصنيع المادة، وثانياً أنها لا تمر على هيئة المواصفات والمقاييس السورية والمخابرالتموينية والمخابر الصحية في هذه المجال، مضيفاً: “نحن لا نعرف ماهية تلك المواد هل هي أصلية أم مقلدة، فهناك بعض الورشات تقلد هذه المواد وترسلها على أنها الأصلية، فتكون البطاقة التعريفية للمادة غير مطابقة للمواصفات الأصلية للمادة، وفي الوقت نفسه هناك مواد تتمتع بنوعية جيدة ولاقت إقبال، ولكن نحن نطلب مراعاة هذه الأمور خاصة في المواد الغذائية”، مشيراً إلى وجود جلديات وأقمشة وألبسة بالة بنوعية جيدة طرحت حديثاً في الأسواق.

ومن الآثار السلبية لكثرة انتشار بسطات البضائع الأجنبية هي التأثير على الاقتصاد السوري من حيث عدم استفادة الحكومة من الدخل والضرائب المفوضة عليها من قبل الجمارك، وهنا يشجع “حبزة” على جمركة هذه المواد لكن بالحد الأدنى الذي يتناسب مع دخل الأهالي لتصبح هناك حركة اقتصادية ويزداد الدخل القومي وتستفيد الدولة أيضاً ويتحسن الاقتصاد في البلد فهو الآن بحكم المتوقف بانتظار عودة الصناعيين للعمل “بنور الله”.

ويرى “حبزة” أن نوعية الإنتاج المحلي تراجعت بسبب العقوبات وزيادة التكلفة في الفترة السابقة، كما أن نوعية المواد الأولية المصنعة لها تراجعت لتناسب دخل المواطن، لذلك نرى ان الجلديات والألبسة البالة تناسبت مع دخل المواطن فهي بنظره ذات نوعية جيدة أفضل من الإنتاج المحلي.

درسٌ قاسٍ للصناعيين:

ويصف ما حصل -انتشار المواد الجديدة- بأنه درس قاسٍ للصناعيين، إذ كان الأهالي مضطرين أن يشتروا ما ينتجه الصناعيون بأسعار مرتفعة لعدم توفر بدائل بالأسواق، ولم يكن يقتنع الصناعي بالربح القليل بدليل أنه في فترات “التنزيلات” تنخفض أسعار البضائع للنصف وهذا دليل أن سعرها المنخفض كان مناسب للصناعيين والتجار والبائعين، لكنهم لم يستفيدوا من الإجراءات السابقة من ناحية منع دخول البضائع الأجنبية للأسواق بل تحكموا بالأسواق ولم تعد هناك منافسة حتى أنه في فترة من الفترات باتت تكلفة إكساء طفل صغير تصل لمليون ليرة سورية في ظل تدني الدخل.

وينصح “حبزة” الصناعيين بتحسين منتجاتهم لتكون هناك منافسة مع المنتجات الواردة حديثاً للأسواق، وتخفيض أسعارهم لا سيما أنه أصبح هناك تسهيلات كبيرة من ناحية انخفاض أسعار المواد الأولية وانتهاء مشكلة فرض الأتاوات على الطرقات، إضافة لتوفر حوامل الطاقة وانخفاض سعرها عن السابق، كما أن النقل بات أسهل إذ لم تعد هناك حواجز.

أما إيجابيات انتشار هذه البسطات هي استفادة الأهالي من المواد سواء الغذائية أو الألبسة وبرأي حبزة، استطاع المواطن أن “يتبحبح” ويقتني هذه المواد.

ويختم “حبزة” حديثه بالإشارة إلى “المهمة المستحيلة” للصناعيين والتجار حالياً وهي إقناع الأهالي بأن الإنتاج المحلي سيعود كالسابق، وبالتالي مهمة إقناع الأهالي باقتناء منتجاتهم ليست سهلة بعد تحولهم للمنتجات الأجنبية، خاصة أن هناك منتجات أجنبية ليس لها مثيل بالسوق المحلي.

يُذكر أن السياسات الاقتصادية للنظام السابق كانت تفرض قيوداً صارمة على الاستيراد، حيث حُظر التعامل بالعملات الأجنبية منذ 2013، وارتفعت الرسوم الجمركية على الواردات، ما أجبر السوريين على الاعتماد على الإنتاج المحلي أو اللجوء إلى التهريب للحصول على المنتجات غير المتوفرة.

دمشق

اقرأ أيضاً