أثر برس

ميدانيات أرياف حلب 2019

by Athr Press G

خاص || أثر برس شهدت أرياف حلب بالمجمل خلال عام 2019 عشرات الأحداث الهامة وخاصة منها الواقع تحت سيطرة المجموعات المسلحة سواء المدعومة تركياً، أو القوات الكردية “قسد”، كما شهدت مناطق سيطرة الدولة السورية حدثاً اعتبر الأبرز فيها خلال العام.

الحدث تمثّل في تنفيذ العدو الإسرائيلي، في شهر آذار، لاعتداءات عبر الطائرات الحربية التي أطلقت صواريخها باتجاه المنطقة الصناعية في الشيخ نجار ومنطقة النقارين شرق حلب، مستهدفةً عدداً من المنشآت الصناعية، وتمكنت حينها الدفاعات الجوية السورية من إسقاط معظم الصواريخ التي أطلقتها الطائرات “الإسرائيلية”، فيما سقطت الصواريخ المتبقية في المنشآت محدثةً أضراراً مادية كبيرة فيما لم يسجل وقوع أي ضحايا جراء الاعتداء.

وحمل شهر تشرين الأول الحدث الأهم والأبرز في سياق الميدان الحلبي، حيث وبتاريخ الرابع عشر من هذا الشهر، دخلت وحدات الجيش السوري إلى منطقة منبج ريفاً ومدينة، في ريف حلب الشرقي بعد غياب استمر 7 أعوام كاملة، أعقبه بنحو يومين دخول وحدات الجيش إلى مدينة عين العرب وريفها على الحدود السورية-التركية وصولاً إلى معبر عين العرب الحدودي الذي عُدّ أول معبر حدودي مع تركيا في ريف حلب الذي يصله الجيش السوري منذ بدء الحرب.

وتزامنت عمليات دخول الجيش السوري وانتشاره خلال الشهر ذاته مع انسحاب كامل قوات الاحتلال الأمريكي من منطقتي عين العرب ومنبج، وإخلاءها لكامل قواعدها العسكرية ومطاراتها التي كانت منتشرة في المنطقتين، لتبدأ بعد ذلك وحدات الجيش فبعمليات الانتشار على الحدود من جهة عين العرب، وعلى طول خطوط المواجهة مع مسلحي الفصائل المدعومة من الاحتلال التركي من جهة الحدود الإدارية الشمالية لمنطقة منبج، وبتلك الخطوة تمكن الجيش السوري من وصل شرق نهر الفرات بغربه.

الأول من شهر تشرين الثاني 2019 شهد تسيير أول دورية عسكرية مشتركة روسية- تركية في منطقتي منبج وعين العرب اللتين دخلتهما القوات السورية، بهدف مراقبة الأوضاع على خطوط التماس بين الجيش من جهة ومسلحي تركيا من جهة ثانية، ليتم فيما بعد تسيير المزيد من الدوريات بشكل منتظم، وسط تسجيل بعض الحوادث التي تعرضت لها الآليات التركية على وجه الخصوص من قبل بعض الأهالي المحتجين أثناء مرور الدورية في ريف منطقة عين العرب.

وفي السياق ذاته أعيد مطلع شهر كانون الأول، افتتاح معبر “أبو الزندين” الذي يصل مناطق سيطرة الدولة السورية شرق حلب بمناطق سيطرة المسلحين في ريف منطقة الباب، أمام الحالات الإنسانية، في خطوة أتت بعد سنوات من إغلاق المعبر المذكور أمام المدنيين.

ريف حلب الغربي

أما بالنسبة للأرياف التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، فبالنسبة للريف الغربي، كان من أبرز ما سجل مطلع عام 2019 هو الحملة العسكرية الكبيرة التي شنّها مسلحو “جبهة النصرة” باتجاه مناطق سيطرة فصيل “نور الدين زنكي” في ريف حلب الغربي وصولاً إلى منطقة الراشدين على الخاصرة الغربية من حلب المدينة، وتمكنت “النصرة” خلال تلك العملية من السيطرة على كامل تلك الرقعة وصولاً إلى الجزئين الشمالي الغربي من ريف حلب المتاخم لمناطق سيطرة الفصائل المدعومة تركياً، والجنوبي الغربي الملاصق لأوتستراد عام “حلب-دمشق” الدولي، لتصل بذلك ريف إدلب بريف حلب الغربي تحت سيطرتها، فيما تم حلّ فصيل “الزنكي” بشكل كامل إثر تلك الخسارة.

ريف حلب الشمالي

أما بالانتقال إلى الأرياف الشمالية والشمالية الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة تركياً، فمن أهم الأحداث التي جرت خلال عام 2019 كانت العمليات التي نفّذتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، سواء عبر عمليات الإنزال أو من خلال عمليات القصف الجوي، حيث شهد تاريخ 29102019 تنفيذ التحالف لعمليتي إنزال في منطقتي “جرابلس” و”الباب” تم خلالهما إلقاء القبض على عدد من الأشخاص الذين قالت قيادة التحالف أنهم من الخلايا النائمة التابعة لتنظيم “داعش”.

أيضاً في شهر تشرين الثاني الماضي، نفّذت طائرات التحالف الدولي عمليات قصف بالجملة استهدفت مواقع المسلحين المدعومين تركياً ومصافي تكرير النفط غير الشرعية التابعة لهم في منطقتي جرابلس والباب، ودمرت معظم تلك المصافي، وتسببت بمقتل عشرات المسلحين، وفقدان عدد كبير من المدنيين لحياتهم، واللافت أن كل عمليات التحالف الدولي ضمن مناطق النفوذ التركي، تمت وسط صمت كامل من أنقرة.

عفرين:

ولعل منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي، تبوّأت مرتبة الصدارة في مجريات الأحداث خلال عام 2019 في ظل الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين وعمليات السرقة والنهب والتغيير الديموغرافي التي شهدتها المنطقة وريفها على مدار أيام العام.

ففي عام 2019 سجّل قيام الفصائل المدعومة تركياً بتنفيذ عمليات سرقة واسعة استهدفت المواقع الأثرية التي تشتهر بها المنطقة، فلم تسلم المواقع الموجودة في “براد”، “خراب شمس”، “كيمار”، “الباسوطة”، “شيخ الحديد”، “بلبل”، “النبي هوري”، و”عين دارة” التي شهدت مؤخراً سرقة أسدها الأثري البازلتي النادر، ومعظم المواقع الأثرية الأخرى في المنطقة، من عمليات سرقة الآثار التي تعود إلى العصور الرومانية، والتي تم نقل معظمها إلى داخل الأراضي التركية، عدا عن عمليات التخريب التي طالت المزارات الدينية، ومواقع وأضرحة الشخصيات والرموز الدينية، كما لم تسلم المقابر الأثرية من التخريب كما حدث في المقبرة “الفوقانية” بقرية سنارة.

كما شهدت عفرين خلال عام 2019، تنفيذ مسلحي الفصائل المدعومة تركياً لعمليات خطف طالت ما يزيد عن 1500 شخص من أهالي مدينة عفرين ومختلف قرى وبلدات المنطقة، حيث كان مسلحو الفصائل يكيلون الاتهامات الكيدية للمواطنين بهدف اعتقالهم تمهيداً للمطالبة بمبالغ مالية من ذويهم على سبيل الفدية لإطلاق سراحهم، فيما سجل أيضاً فقدان عشرات المدنيين لحياتهم جراء عمليات التعذيب التي تعرضوا لها داخل سجون مسلحي الفصائل.

ضرائب الاحتلال التركي

ومن أبرز ما عاناه أهالي منطقة عفرين خلال العام المنصرم، كانت الضرائب الباهظة التي فرضها مسلحو الفصائل المدعومة تركياً عليهم، حيث قام المسلحون بفرض تلك الضرائب على أنواعها، فشملت محاصيل الزيتون وباقي الأشجار المثمرة التي تشتهر بها المنطقة، إلى جانب فرض ضرائب على السيارات العابرة وتحركات المدنيين بين القرى، وضرائب أخرى على عمليات زراعة الأراضي، وأخرى على حصادها، وضرائب على تسويقها، فيما كان يعاقب الأهالي الرافضين لدفع الضرائب إما بإحراق أراضيهم، أو بمصادرة نسبة كبيرة من المحصول يتم نقلها إلى سوق مدينة إعزاز لبيعها هناك، أو بقطع الأشجار وتحويلها إلى حطب للتدفئة.

بدورها فرضت تركيا أواخر عام 2019 على أهالي عفرين، التعامل بالليرة التركية في المعاملات التجارية، كما أقدم الأتراك على إزالة أبراج التغطية السورية من عموم منطقة عفرين ونصبت مكانهم أبراج تغطية خلوية تركية لإجبار الأهالي على شراء الخطوط التركية، فيما دخلت عدة شركات لتوليد الكهرباء إلى منطقتي إعزاز وعفرين بهدف بيع الكهرباء للمواطنين مقابل مبالغ مالية كبيرة.

أيضاً شهد ريف حلب الشمالي بشكل شبه يومي عام 2019، عمليات قصف متبادلة بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة ومسلحي الوحدات الكردية التي ما تزال منتشرة في عدد من القرى الواقعة بين منطقتي إعزاز وعفرين، كـ “المالكية” و”مرعناز” و”شوارغة الأرز” و”الشيخ عيسى” و”حربل” و”منغ” إلى جانب بلدة “تل رفعت”، الأمر الذي تسبب بتهجير معظم أهالي هذه القرى وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا، فيما تسببت آخر الاعتداءات التي تعرضت لها تل رفعت مطلع شهر كانون الأول، بوقوع 10 ضحايا معظمهم من الأطفال جراء استهداف القوات التركية لملعب رياضي كان يلعب داخله عدداً كبيراً من الأطفال.

تفجيرات وعمليات اغتيال:

وبالحديث عن مناطق النفوذ التركي في شمال حلب، فشهدت مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل أنقرة من جرابلس إلى الباب وإعزاز وصولاً إلى عفرين، أكثر من 100 عملية تفجير تمت داخلها سواء عبر السيارات والدراجات النارية المفخخة، أو من خلال العبوات الناسفة والألغام الأرضية، الأمر الذي تسبب بوقوع مئات المواطنين بين ضحايا ومصابين وخاصة في مدينة عفرين، كما سجل أيضاً مقتل العشرات من قياديي وعناصر الفصائل المسلحة المدعومة تركياً، فيما عجز مسلحو الفصائل والقوات التركية عن ضبط الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرتهم رغم كل الدعم اللوجستي والتعزيزات العسكرية التي تم استقدامها تباعاً من تركيا على مدار أشهر العام.

زاهر طحان – حلب

اقرأ أيضاً