نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالاً، أشارت فيه إلى تغييرات في نهج السياسات الخارجية للسعودية وتوجهها نحو الحوار مع الخصوم في المنطقة، في ظل عدم وجود ضمانات أمنية من واشنطن.
وكتبت الصحيفة أنه منذ الهجوم على منشآت نفطية في السعودية في أيلول الماضي، اتخذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خطوات دبلوماسية للتخفيف من حدة التوترات مع خصومه في المنطقة.
وتشير الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان قام بتفعيل المفاوضات مع جماعة “أنصار الله” في اليمن، مما أدى إلى تراجع وتيرة الهجمات من الجانبين، وقام بخطوات لتخفيف الحصار المفروض على قطر وانخرط في مفاوضات غير مباشرة مع إيران.
وعزا المحللون التحول من المجابهة إلى التفاوض إلى إدراك السعودية بأن الموقف الذي كان يمثل حجر الزاوية للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط منذ عقود، وهو حماية قطاع النفط السعودي من هجمات خارجية، لم يعد مضموناً.
وأدركت السعودية أنه على الرغم من إنفاقها عشرات المليارات من الدولارات على شراء الأسلحة الأمريكية (170 مليار دولار منذ عام 1973)، لم يعد بإمكانها أن تعول على المساعدة من الولايات المتحدة، أو أن الدعم الأمريكي لن يكون بتلك القوة التي تحتاجها المملكة.
وقال ديفيد روبرتس، الباحث في كلية الملك بلندن: “أعتقد أننا سننظر إلى 14 إيلول بمثابة لحظة مفصلية في التاريخ الخليجي”، معتبراً أن السعوديين “يدركون أنهم يجب أن يكونوا مستعدين لتنازلات أكثر”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الهجمات على المنشآت النفطية أظهرت سهولة تعرض القطاع النفطي السعودي للأذى، وذلك مع وصول النزاع في اليمن إلى مأزق، ترافقه أزمة إنسانية، وتمكن قطر من الصمود أمام الحصار بفضل ثرائها وعلاقاتها الخارجية.
واعتبر روب مالي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد باراك أوباما، والمختص بشؤون الشرق الأوسط، أن توجه السعودية نحو الدبلوماسية مع قطر وفي اليمن “يعكس رغبة السعودية في تعزيز موقفها في المنطقة في زمان الغموض والضعف”.
ولاحظ المحللون أن غياب رد قوي من قبل الولايات المتحدة يشكل ضربة إلى السياسات المعروفة بـ “عقيدة كارتر” التي تعود إلى عام 1980، حين تعهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر باستخدام القوة من أجل ضمان حرية توريدات النفط من منطقة الخليج، وكان الرؤساء الأمريكيون بعد كارتر يتمسكون بهذه السياسة.