خاص|| أثر برس يبدو أن تأثيرات الحرب الأوكرانية على سوريا لن تُقتصر على موارد الطاقة والغذاء كباقي دول العالم، هذه الحقيقة اتضحت بشكل مباشر منذ زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى سوريا وإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن توقيعه على قرار الاعتراف باستقلال منطقتَي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، أثناء زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى موسكو الذي أكد بدوره حينها على دعم بلاده للموقف الروسي، وصولاً إلى تأكيد المسؤولين الروس والسوريين على وجود العديد من أوجه التشابه بين الحربين في سوريا وأوكرانيا.
أوجه التشابه بين سوريا وأوكرانيا، تم الحديث عنها على أعلى المستويات في سوريا وروسيا، والبداية كانت من وزير الخارجية فيصل المقداد، الذي أكد أن الجهة التي تحارب روسيا في أوكرانيا (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) هي ذاتها التي حاربت سوريا، إلى جانب استخدام أسلوب العقوبات ضد روسيا مثلما جرى في سوريا، وبعدها أكدت وزارة الدفاع الروسية رصد تكتيكات عسكرية يستخدمها المقاتلين القوميين الأوكرانيين في أوكرانيا، مماثلة للتكتيكات التي سبق أن استخدمها المسلحون الأجانب في سوريا.
وكذلك نائب وزير الخارجية السوري بشار الجعفري، أكد أن أحد أسباب اندلاع الحرب هو سعي الأمريكيين إلى استهداف خطي أنابيب الغاز السيل الشمالي والسيل الشمالي-2، اللذين يتم عبرهما نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أحد أسباب الحرب على سوريا كان رفضها مد خط أنابيب الغاز القطري إلى أوروبا عبر تركيا لإفشال الخط الروسي.
ماذا إن ربحت روسيا الحرب وماذا إن خسرتها؟
قد يُنذر التحالف العميق بين موسكو ودمشق بارتدادات كبيرة على سوريا في حال كسبت روسيا الحرب أم خسرتها، خصوصاً في ظل تأكيد المحللين والخبراء على عدم إمكانية التنبؤ بعمر ومصير هذه الحرب، فالمحلل السياسي كمال جفا أكد في حديث لـ”أثر” أنه “إذا خسرت روسيا الحرب فستدفع سوريا الثمن الأكبر وسيكون هناك كارثة اقتصادية وسياسية وعسكرية عليها، وعلى روسيا التي ستخسر ما بنته خلال العشر سنوات بموضوع وضعها الدولي، أما إذا ربحت روسيا، فسوريا ستكون أول المستفيدين، وسيكون هناك إمكانية لردع روسي قوي وإعادة إطلاق للعمليات العسكرية لاستعادة المناطق السورية.
وفي هذا الصدد، يشير بعض المحللين إلى وجود تأثير سلبي للقرار التركي الأخير المتعلق بإغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل بوجه السفن الحربية الروسية، على سير العملية الروسية العسكرية، فيما علّق المحلل السياسي أسامة دنورة على هذا القرار بقوله: “القرار الذي اتخذه التركي عملياً ليس له أي انعكاس على أرض الواقع، فهو أولاً: يسمح بعودة السفن الموجودة، ثانياً: يبدو أن الروس احتاطوا جيداً لمثل هذا القرار عن طريق نشر المجموعة الضاربة خلال المناورات التي جرت في المتوسط قبل فترة وجيزة من اندلاع الحرب، لذلك الروس ليسوا بحاجة لإخراج قطع حربية من البحر الأسود باتجاه المتوسط، وعليه فإن التأثير على الوضع العسكري الروسي غير موجود على الإطلاق لأن الروس حشدوا حشداً بحرياً في المتوسط” مضيفاً أن “التركي لا يخاطر بعلاقته فأردوغان سبق أن قال إن تركيا لن تتخلى عن روسيا ولن تتخلى عن أوكرانيا لذلك قام بفعل أقرب ما يكون للاستعراض”.
وفي سياق الحديث عن مصير هذه الحرب وتصنيف المشاركين بين رابح وخاسر، سبق أن نشرت صحيفة “نيوزويك” الأمريكية تقريراً أكدت فيه أن هناك “حقيقة دامغة” يجب أخذها في نظر الاعتبار، وهي أن بوتين لم يخسر حرباً خاضها، وقالت في التقرير: “خلال الحروب السابقة في الشيشان وجورجيا وسوريا والقرم على مدى عقدين من حكمه، نجح بوتين في إعطاء قواته المسلحة أهدافاً عسكرية واضحة وقابلة للتحقيق، من شأنها أن تسمح له بإعلان النصر بمصداقية في نظر الشعب الروسي وبحذر في نظر العالم، ومن غير المرجح أن تكون مبادرته الأخيرة في أوكرانيا مختلفة”.
وفي المحصلة يبدو أن معادلات التوازن بالعالم أجمع باتت مرتبطة بهذه الحرب، فيما يشير محللون إلى أن روسيا قبل البدء بهذه الحرب عملت على تمكين نفسها سياسياً وعسكرياً وبشكل أساسي من البوابة السورية.
زهراء سرحان