أثر برس

هل بدأ الحلف الأمريكي-السعودي-الإسرائيلي بالتصعيد المباشر ضد إيران؟

by Athr Press R

زيارات استثنائية وعلاقات وثيقة ظهرت بشكل مفاجئ خلال جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى دول آسيا، البعض رآها بأنها محاولات من ابن سلمان للتخلص من الهيمنة الأمريكية على اقتصاد المملكة، في حين رآها آخرون كصحيفة “ألموندو” الإسبانية بأنها تأتي لدفن قضية خاشقجي وإظهار ابن سلمان على أنه غير منغلق في ظل الانتقادات التي أُثيرت ضده جراء جريمة القتل الوحشية للصحفي السعودي خاشقجي.

إلّا أنه وفي حال التدقيق بالموضوع من زاوية أخرى، قد تظهر بعض التفاصيل التي من شأنها أن تضفي شكلاً آخراً على تلك الزيارات التي لم تقتصر على المشاريع الاقتصادية بل وصلت إلى حدود التنسيق الأمني والعسكري في بعض مراحلها خصوصاً في الدول القريبة من إيران.

التوجه السعودي شرقاً كما أسماه بعض الخبراء الاستراتيجيين، سار في طريقين متوازيين، الأول اقتصادي عن طريق فتح استثمارات بمليارات الدولارات مع أكبر مستوردي النفط الإيراني، والثاني أمني استهدف دول جوار إيران.

في السياق الاقتصادي، ذهبت السعودية للدخول باستثمارات تجاوزت الـ100 مليار دولار في الهند وحدها، ناهيك عن أكثر من 28 مليار دولار في الصين، ولم يقتصر الموضوع عند هذا الحد حيث غرّد وزير الثقافة السعودي اليوم باللغة الصينية، ونشر لاحقاً ترجمة تضمنت إشادة بالخطة الخاصة بإدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية بالمملكة.

الصين والهند تعتبران من أهم العوائق في العقوبات الأمريكية على إيران بعد رفضهما الخضوع لتلك العقوبات، حيث تتصدر الصين قائمة الدول المستوردة للنفط الإيراني بنحو 600 ألف برميل يومياً من طهران، وذلك بحسب الإحصائيات الصادرة من وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس” لتسعير النفط، لتليها الهند التي تحتل المركز الثاني فى قائمة الدول المستوردة للنفط الإيراني، حيث تستورد نحو 450 ألف برميل يومياً، تلك الدولتان اللتان أعاقتا الحرب الاقتصادية الأمريكية على إيران ولا تحظيان بعلاقات متينة مع الولايات المتحدة في ظل الأزمة الاقتصادية معها، كان لهما دور فاعل في التخفيف من العقوبات الأمريكية، وهو ما قد يفسر دفع الولايات المتحدة للسعودية للقيام بتلك الإجراءات للدخول بصفقات تجارية عملاقة، يليها مطالب بالحد من النفط الإيراني والاستعاضة عنه بالنفط السعودي لتجفيف أهم الموارد المالية الإيرانية، بعد فشل العقوبات الأمريكية، حيث أشار مراقبون إلى أنه من غير الممكن أن يقوم ابن سلمان بتلك الجولات دون أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة كونه يدعم أهم منافسي الولايات المتحدة اقتصادياً.

أما في السياق الأمني والعسكري، فتم ذلك من خلال زيارة محمد بن سلمان إلى الباكستان، ومحاولاته لتوطيد العلاقات الاستراتيجيّة والتّنسيق الأمنيّ والعسكريّ مع تلك الدولة التي تقع على الحدود الإيرانية.

يبدو بأن إيران على علم وثيق بما تخطط له الولايات المتحدة و”إسرائيل” عبر السعودية وهو ما يفسر كشفها عن غوّاصة حامِلة للصواريخ الباليستيّة من النّوع المتوسط في ميناء بندر عباس، والإعلان عن إطلاق مناورات بحرية يوم الجمعة الفائت والذي استمرت لمدة ثلاثة أيّام في مضيق هرمز وبحر عمان وشمال المحيط الهندي في منطقة مساحتها مِليوني كم مربع، بالتوازي مع اللوم والعتب الذي وجهه الجنرال قاسم سليماني في حفل تأبين الضحايا في مدينة بابل بمحافظة مازندران إلى الحُكومة والشعب الباكستانيّ الذي قال فيه “إنّ باكستان كانت تعتبر إيران عُمقها الاستراتيجي”، وتابع قائلاً: “لقد أعلنا لقادة باكستان مراراً دعمنا مكانة بلدهم ودورها في المنطقة، والسّؤال الموجه لها بعد دعم الذين يقفون خلف الهجوم الانتحاري الأخير المدعوم سعودياً: أين تتجهون؟”، واختتم تصريحه بالقول “إنّ دولة قامت بتقطيع أحد رعاياها إرباً تريد اليوم بمالها توريط باكستان مع جيرانها”.

المخطط الأمريكي كان قد تحدث عنه ابن سلمان في مقابلة مع الـ “إم بي سي” قبل عامين تقريباً، عندما قال إنّ السعوديّة لن تنتظر إيران بل ستقوم بنقل هذه الحرب إلى العُمق الإيرانيّ.

وعليه يبدو بأن السعودية و”إسرائيل” بالمشاركة مع إدارة ترامب تسعيان إلى الضغط على إيران عن طريق تعزيز الحرب الاقتصادية بالتحالف الاقتصادي مع أهم شركائها من جهة والضغط الأمني والعسكري عليها مع دول جوارها من جهةٍ أخرى، فهل بدأت ملامح الصدام العسكري تتضح بشكل أكبر خصوصاً بعد فشل المحاولات الإسرائيلية لإبعاد إيران عن حدود فلسطين المحتلة؟ وهل ستنتظر إيران تصاعد الحرب الاقتصادية ضدها أم أنه ستنقل المواجهة إلى “إسرائيل” لتقطع رأس الأفعى التي تحيك معظم مؤامرات وأزمات المنطقة؟

 

اقرأ أيضاً