خاص|| أثر برس (ارتباط الحرب الأوكرانية بسوريا) هو عنوان عريض لأحاديث الأوساط السياسية والتقارير التحليلية في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وبرز هذا الترابط بوضوح قبل بدء الحرب الأوكرانية، من خلال المواقف السياسية للمسؤولين السوريين وبعض التحركات العسكرية الروسية في سوريا كالدوريات الجوية الروسية – السورية التي أجرتها على طول الحدود السورية.
أول التحركات التي أوضحت بشكل مباشر ارتباط الملفين السوري والأوكراني ببعضهما، كانت زيارة وزير الدفاع الروسي إلى سوريا ولقائه بالرئيس بشار الأسد، وإشرافه شخصياً على المناورات الروسية في البحر المتوسط، حيث اكتفت وسائل الإعلام بهذا القدر من المعلومات دون أن توضح تفاصيل اللقاء الذي جمع بين الرئيس الأسد وشويغو.
المحللون أشاروا إلى أن لقاء الأسد وشويغو، ناقش تفاصيل وسيناريوهات عديدة قد تحدث بعد اندلاع الحرب، ومرتبطة بسوريا، وفي هذا الصدد ينوّه أستاذ العلاقات الدولية الدكتور بسام أبو عبد الله، في حديث لـ”أثر” إلى أن واشنطن قد تستخدم سوريا لتنفيذ مشاريعها هذه خصوصاً في ظل سيطرة مجموعات تابعة لأمريكا وتركيا على بعض المناطق السورية، مشيراً إلى أنه “في ظل التصعيد الحاصل في أوكرانيا هناك احتمالات بأن تلجأ الولايات المتحدة إلى تحريك ملفات لإزعاج روسيا وسوريا، وذلك بدا في اعتداء قسد في منطقة الجزيرة على قوات الجيش السوري بتوجيه من القوات الأمريكية” مؤكداً أن يعتقد أن “زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى سوريا قُبيل انطلاق العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا كانت للتنسيق لهذه الاحتمالات”.
وأشار أبو عبد الله إلى أن “المعلومات تقول إن هناك كثيراً من الأسلحة نُقلت لتعزيز القدرات السورية لأن هناك احتمالات بأن يجري تحريك، سواء الجماعات الإرهابية في إدلب أو تحريك الولايات المتحدة لجماعات داعش لاستهداف الجيش السوري والقوات الروسية وغيرها”، مستذكراً الحادثة التي جرت بتاريخ 2 آذار الجاري، عندما حاولت دورية من القوات الأمريكية و”قسد” الدخول بين نقاط الجيش السوري، ما تسبب باندلاع اشتباكات ووقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وحول احتمال مشاركة تركيا بهذه التحرشات، استبعد أستاذ العلاقات الدولية في حديثه لـ “أثر” احتمال حدوثها موضحاً أنّ تركيا تحاول تفادي أي اشتباك أو احتكاك مع موسكو الآن لأنها لا تريد إزعاج روسيا ولكن في نفس الوقت تريد أن تغازل الغرب وتُظهر نفسها أنها تقف مع الشعب الأوكراني ووحدة أوكرانيا واستقلالها، لكن من جانب آخر هي لن تلتزم بالعقوبات حفاظاً على مصالحها، فليس من مصالحها تحريك جماعات جبهة النصرة التي الآن سيجري نقلهم إلى أوكرانيا تحت يافطة متطوعين.
وخلص أبو عبد الله بقوله إلى أن كل السيناريوهات مطروحة، لكن الاعتقاد هو أن الولايات المتحدة لن توسع في هذا الاتجاه وأي توسيع سيرتد عليها بالطبع بخسائر، إضافة إلى خسائرها في أوكرانيا، لكن بالمنطق يجب أن نضع هذا السيناريو وأنا أعتقد أنه وُضع ضمن اعتبار القيادتين السورية والروسية.
وفي هذا السياق، كشفت تقارير استخباراتية روسية أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تدريب مسلحين في قاعدتها الموجودة بمنطقة التنف جنوبي سوريا لنقلهم إلى أوكرانيا، وكذلك كشفت وكالة “ريا نوفوستي” عن اجتماعات سريّة جرت في الشمال السوري حيث المناطق التي تسيطر عليها تركيا جمع بين ثلاثة عناصر من جهاز الأمن الأوكراني برفقة ضباط من المخابرات التركية توجهوا في الرابع من شباط الماضي إلى عفرين وإعزاز شمال سوريا، وزاروا موقعاً يتبع لفصائل أنقرة، والتقوا بعدد من قادة هذه الفصائل لمناقشة إمكانية تجنيد مسلحيهم للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، موضحاً أنه تم الاتفاق على تنظيم سلسلة من الاجتماعات السرية مع قادة الفصائل المسلحة.
ويؤكد الخبراء أن هذه التحركات من تحرشات لروسيا والجيش السوري في الشمال إلى جانب ما نشره مؤخراً موقع “المونيتور” الأمريكي حول احتمال توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن، على قرار رفع قانون “قيصر” عن المناطق التي تسيطر عليها “قسد” شمالي شرق سوريا الأسبوع الجاري، وإجراءات نقل مسلحين من سوريا إلى أوكرانيا والاجتماعات السرية بين مسؤولي الأمن والاستخبارات الأوكرانية والتركية في ريف حلب الشمالي، هي جزء من تأثيرات الحرب الأوكرانية على سوريا، وفي حال طال أمد الحرب سنجد المزيد من التأثيرات التي تُثبت الترابط بين الملفين.
قصي المحمد