يبدو بأن الخطة الأمريكية بالانسحاب من سورية وإبقاء قوات أوروبية فقط بدلاً منها قد باءت بالفشل، فبعد جدل دام لأشهر، حسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم القرار بالرضوخ والموافقة على إبقاء جزء من قواته في سورية، على الرغم من إعلانه قبل شهرين سحب جميع القوات بعد انتهاء المهام الموكلة لها.
وقال ترامب معلقاً على رسالة وصلته من أعضاء في الكونغرس الأمريكي نشرتها شبكة “NBC” اليوم، الأربعاء: “أوافق 100% على الاحتفاظ بوجود عسكري في سورية، لأننا بذلك نعزز مكاسبنا ونضمن أفضل نتيجة في جنيف للمصالح الأمريكية”.
جاء ذلك القرار بعد قيام مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ وممثلين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بإرسال رسالة إلى ترامب في 22 شباط الماضي، مشيدة بقرار إبقاء قوة صغيرة في سورية، وكتبت المجموعة حينها: “نؤيد بقاء قوة أمريكية صغيرة لتحقيق الاستقرار في سورية”.
ذلك المطلب لم يأت كما في البيان بهدف تحقيق “الاستقرار” في سورية، فالمطلب جاء بعد تصعيد من قبل الأوروبيين ظهر حينما قال أحد المسؤولين في الإدارة الأمريكية، لصحيفة “واشنطن بوست”، في 21 من شباط: “إن الحلفاء أبلغوا واشنطن بالإجماع أنهم لن يبقوا إذا انسحبت القوات الأمريكية”، وهو الأمر الذي وضع الولايات المتحدة بصورة حرجة كون ذلك سيعيد سيطرة الدولة السورية على كامل الجغرافيا السورية وهو مالاتريده الولايات المتحدة أن يحدث.
ليظهر بأن الأوروبيين قد تنبهوا للخطة الأمريكية في سورية والتي تهدف إلى الحفاظ على أهدافها دون إدخال القيادة الأمريكية بأزمات مع بعض الدول المرتبطة بالحرب السورية مثل تركيا التي ساءت علاقتها بالولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة بسبب دعم الولايات المتحدة للأكراد.
ناهيك عن ظهور ملامح لحركات مقاومة للتواجد الأمريكي شرق الفرات والتي قد تتطور إلى حراك عسكري يستهدف الجنود الأمريكيين في الوقت الذي تسعى فيه إدارة البيت الأبيض إلى تطبيق مقولات ترامب كمقولة “لماذا يقتل الجنود الأمريكيين في بلاد تبعد عنا آلاف الأميال”.
وعليه، يبدو بأن هذا التردد الأمريكي في العديد من القضايا الدولية قد يرسم حالة من عدم الثقة لدى دول العالم في أي قرار تتخذه الولايات المتحدة في المستقبل، ويدفع بالعديد من الدول للتصعيد لإجبار الولايات المتحدة على أهدافها كما فعل الأوربيون.