كثّفت موسكو جهودها الدبلوماسية في الأسبوع الماضي بهدف الوصول إلى اتّفاق يُقنع أنقرة بالعدول عن العملية العسكرية البرية التي أعلنت مراراً عزمها على تنفيذها ضد مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية– قسد” شمالي سوريا.
المقترح الروسي الجديد قضى بسحب قوات “قسد” والإبقاء على عناصر الأمن الداخلي الكردية “الأسايش” إلى جانب القوى الأمنية السوريّة، بالإضافة إلى رفع العلم السوري، وإعادة عمل الدوائر الحكومية، وتشير صحيفة “الأخبار” اللبنانية في هذا الصدد إلى أن “هذا المقترح يشبه إلى حدٍّ ما الخطّة الروسية التي جرى تطبيقها في الجنوب، حيث بقيت “الفصائل المعارضة” إلى جانب القوات الحكومية، الأمر الذي أنهى الاقتتال في هذه المنطقة، ونقلها إلى الحالة السياسية”.
من جهته، يرى عضو “المجلس الوطني الكردي” عبد الباسط حمو في تصريحٍ إلى صحيفة “القدس العربي” اللندنية أن “المحاولات الروسيّة لم تصل إلى أي تفاهم حتى الآن بين القوى الفاعلة، إذ ترغب موسكو بأن يكون الحل على غرار درعا، أي تسليم المنطقة للدولة السوريّة، على أن تتحول “قسد” إلى قوة محلية لا أكثر، تتخلى بموجب هذا الاتفاق عن (الإدارة الذاتية) وتصبح المنطقة تابعة للدولة السوريّة في جميع المناحي”.
ولفت حمو إلى “رفض “قسد” لهذا الحل الذي طُرح، فهي تطالب بخصوصية لوجودها في المنطقة وتطالب باعتراف دمشق بالإدارة الذاتية”، مؤكداً “استمرار الحوار بين قسد ودمشق برعاية روسيّة”، معرباً عن “أمله بأن تسفر المفاوضات عن تفاهم يرضي جميع الأطراق ويمنع التدخل العسكري، لما فيه من مأساة ستواجه المدنيين، وستزيد من موجات التهجير”.
المقاربة الروسية الجديدة قوبلت بعد فترة بتردّد أمريكي مقصود، بتصعيد من قِبل واشنطن التي بادرت بحسب مصادر صحيفة “الأخبار اللبنانية”، إلى تقديم تطمينات لـ”قسد” بعدم المساس بمنبج وعين العرب، لِما لهما من أهمية كبيرة في كيان (الإدارة الذاتية) التي تحاول الولايات المتحدة ترسيخها في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن “المسؤولين الأمريكيين أبلغوا قادة “قسد” أن حل مسألة تل رفعت يبقى بيد الروس، وهو ما دفع (الذاتية) إلى إعلان موافقتها على تنفيذ الخطّة الروسية في تل رفعت فقط، لكن موسكو أصرّت على أن تشمل التسوية عين العرب ومنبج أيضاً، وخصوصاً أن هاتين المنطقتَين مشمولتان بـ “اتفاقية سوتشي” الموقّعة بين تركيا وروسيا عام 2019.
وفي السياق نفسه، طالب المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جيمس جيفري في مقالٍ له بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، الإدارة الأمريكية بـ “تنشيط التزاماتها السابقة مع تركيا من خلال انسحاب “قسد” من مدينتي عين العرب ومنبج بريف حلب”، مشيراً إلى أن “واشنطن وافقت سابقاً على القيام بذلك في أشكال مختلفة”.
ويأتي ذلك في وقتٍ حذّر فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن من دعم الوحدات الكردية بالسلاح، قائلاً: “حذّرت الولايات المتحدة مرات كثيرة من دعم السلاح الذي يرسلونه لسوريا (للمقاتلين الأكراد).. لم يستجيبوا لتحذيراتنا، وهم يرتكبون خطأ بحقنا.. عندما يحين الوقت والمكان المناسبين سنقضي على التهديدات التي تواجهنا بأيدينا”.
يشير محللون إلى أن العملية العسكرية البرية لا تزال حتى اللحظة رهن المفاوضات والمناقشات التركية– الروسية، والتركية– الأمريكية، لا سيما بسبب وجود خطوط تماس وقوات عسكرية روسية وأمريكية منتشرة على الأرض، فإن أنقرة مضطرة لهذه الترتيبات، وهذا يجعل العملية مؤجلة وليست مستبعدة.
أثر برس