خاص|| أثر برس يخيم التوتر على المنطقة الشمالية في سورية، حيث أعلن “المرصد” المعارض اليوم السبت أن القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها ينويان البدء بعملية عسكرية ضد “الوحدات الكردية” في ريف حلب الشمالي الشرقي، مشيراً إلى وصول تعزيزات عسكرية ضخمة للقوات التركية في المنطقة.
وبالنظر إلى ديموغرافية المنطقة فإن أول المتضررين من أي توتر جديد في المنطقة هم سكانها العرب السوريين، وذلك بسبب الاشتباكات التي تحدث باستمرار بين الجانبين الكردي والتركي، والتي تسفر دائماً عن ضحايا مدنيين وليس من “الوحدات الكردية” التي تزعم تركيا محاربتهم.
وبالتزامن مع حديث “المرصد” عن عملية عسكرية مرتقبة اليوم أعلن القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، خلال لقاء أجراه مع صحيفة “يني أوزغور بوليتيكا” الكردية الصادرة في هولندا، “إن الأرضية مهيأة، وقواتنا مستعدة لحدوث استفزازات ومؤامرات من الدولة التركية التي حشدت قوات كبيرة على الحدود مع الشمال السوري” مضيفاً أنه “إذا بادر الجيش التركي إلى مهاجمة أي من مناطقنا، فسيتسبب ذلك بحرب كبيرة”، محذّراً أن أي هجوم على “الوحدات الكردية” سيتسبب باشتعال المنطقة الحدودية مع تركيا كاملة.
وفي ظل هذه التهديدات والتصعيد من قبل الجانبين التركي والكردي، لا بد من التذكير بالاجتماعات التي كشفت عنها مسبقاً صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية بين قادة من “قسد” ومسؤولين أتراك في واشنطن دون أن يتم الإعلان عن مضمون هذه اللقاءات وفي الوقت ذاته، أعلن مسؤول في “قسد” حينها أنهم يرون الحوار مع الأتراك حل استراتيجي، ما يشير إلى وجود احتمال كبير أن تكون هذه الإجراءات مجرد تهديدات تركية رداً على التصعيد الأمريكي الأخير بسبب وصول منظومة الـ “إس-400” الروسية إلى تركيا والتهديد الأمريكي بفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة.
الملفت في الأيام الأخيرة هو غياب أي تصريحات من المسؤولين الأكراد للرد على التهديدات التركية، حيث اقتصرت التصريحات على الجانب الأمريكي الذي حذّر من هذه العملية، الأمر الذي يؤكد أن تركيا ستواجه إجراءات أمريكية جديدة قد تمنعها من بدء أي عمل عسكري على الحدود.
وأبرز السيناريوهات المتوقعة أن تشهد العملية تدخل أمريكي لصالح الأكراد، كون أن أمريكا لا تزال ترغب بالحفاظ على علاقتها مع الأكراد في هذه المرحلة، وهذا التدخل الأمريكي قد يتسبب بخسارة اعتبارية للأتراك أمام الأكراد عدوهم اللدود، وإن ابتعدت أمريكا عن المشهد فستشتعل الحرب بين الأتراك و”الوحدات الكردية”، أما السيناريو الثالث فهو حدوث حرب شكلية ومحدودة يتم بعدها عقد اتفاق تركي-كردي وبإشراف من الجانبين الروسي الذي بات مقرباً من تركيا والأمريكي الداعم لـ”قسد” وهذا الاحتمال ربما يترجم ما حدث في الاجتماع الذي كشفت مسبقاً عنه صحيفة “الشرق الأوسط”.
وعندما يدور الحديث عن معركة في منطقة الشمالي السوري ذات الموقع الاستراتيجي لا يمكن تصديق حجة حماية الأمن القومي التركي وكذلك لا يمكن الحديث عن مجرد تعاطف أمريكي مع الأكراد، فالهدف الحقيقي واضح، لذلك فإن أمريكا ستبقى تحاول قدر الإمكان الحفاظ على علاقات مع الأتراك مهما ارتفعت وتيرة التوتر بينهما، وذلك بهدف أن تكون صلة وصل بين الأكراد والأتراك وبالتالي تحافظ على أكبر قدر من المكتسبات التي تسعى للحفاظ عليها ضمن مشروعها التقسيمي من خلال وجودها اللاشرعي في تلك المنطقة، لكن حجم الدعم الكبير والتعزيزات العسكرية الضخمة التي ترسلها أمريكا لـ”قسد” تشير إلى أنها لا تنوي تفضيل الأتراك عنهم، ما يقلل من احتمال وقوع أي عمل عسكري، ويرجح كفة أن تكون هذه الإجراءات التركية مجرد تهديدات لاأكثر.
زهراء سرحان