في توقيت حساس، تمضي “إسرائيل” ومن خلفها الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب بخطواتها التصعيدية تجاه إيران والتي من شأنها أن تجر المنطقة إلى حرب مفتوحة لا يستطيع أحد إيقافها.
ضربتان مؤثرتان وجهتهما الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي لإيران هذا العام، الأولى باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بداية العام والثانية باغتيال العالم النووي البارز ورئيس “منظمة البحث والتطوير” في وزارة الدفاع الإيرانية محسن فخري زاده، في العمليتين وإن اختلفتا في مكان تنفيذهما جغرافياً إلّا أنهما تصبان في نفس الهدف والمتمثل في ضرب أعمدة القوة التي تشكل تهديد حقيقي للكيان الإسرائيلي، في ظل استغلال “إسرائيلي” لوجود إدارة أمريكية تدعم المصالح الإسرائيلية بشكلٍ أعمى متمثلة بإدارة ترامب.
الاستهداف الأخير جاء في الوقت بدل الضائع للإدارة الأمريكية الحالية والمتمثلة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات التي أطاحت به وسط مساعي إسرائيلية لاستثمار الأيام الأخيرة لتلك الإدارة والاستفادة منها قدر المستطاع قبل انتقال السلطة في كانون الثاني من العام المقبل للرئيس المنتخب جو بايدن، تلك السياسية الإسرائيلية قد لا تكون تستند على عملية الاغتيال بحد ذاتها حيث قال خبراء “إسرائيليون” بأن اغتيال البروفسيور الإيراني لن يوقف البرنامج النووي الإيراني، على الرغم من مكانه وأهمية زادة فقد تكون تلك العملية ضمن خطة “إسرائيلية” أكبر وأوسع من ذلك.
المرحلة والتوقيت الحساس لتلك العملية يضعان العديد من التساؤلات حول أهداف “إسرائيل” الآن وما ينتظرها في فترة حكم بايدن، فعملية الاغتيال تلك قد تكون بهدف قيام إيران بردة فعل ينتج عنها ردة فعل أمريكية تؤدي في نهاية المطاف إلى عرقلة عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الذي يشكل كابوس للكيان الإسرائيلي وصرح بايدن بأنه ينوي أن يعود إليه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد تكون “إسرائيل” تهدف إلى إدخال المؤسسة العسكرية الأمريكية بنزاع عسكري مع إيران مستغلة وجود إدارة ترامب الحالية ليمتد هذا النزاع العسكري إلى ولاية بايدن الذي تخشى “إسرائيل” من تقاربه مع إيران.
هل يجب على إيران أن ترد؟
تنقسم الآراء في الداخل الإيراني حول التكتيك الذي يجب أن تتبعه إيران حيال السياسية “الإسرائيلية” الخبيثة، فهناك من يرى بأنه كما ذكرنا سابقاً تشكل تلك السياسية فخ “إسرائيلي” ولا يجب أن تنجر إيران إليه، في حين يرى آخرون بأن عدم رد إيران سيؤدي إلى تمادي “إسرائيل” أكثر وشن هجمات جديدة عليها في الشهرين المتبقيين من إدارة دونالد ترامب فماذا يجب على إيران أن تفعل؟
قد يكون الحل في اتخاذ قرار وسطي بين الآراء المنقسمة في طهران وذلك من خلال القيام برد محدود يردع “إسرائيل” عن تكرار تلك الهجمات في الأيام المتبقية من ولاية ترامب ولا يجر إيران إلى حرب شاملة وقد يكون ذلك بعملية أمنية مشابهة لتلك التي قامت بها “إسرائيل” دون زج المؤسسة العسكرية في ذلك، وهو ما يفسر استنفار سفارات الكيان الإسرائيلي في كافة أرجاء العالم.
“إسرائيل” تريد توريط حلفائها
يبدو أن اغتيال زاده قد كشف السبب وراء قيام “نتنياهو” بتسريب زيارته إلى السعودية الأسبوع الفائت، فقد يكون “نتياهو” أردا من وراء ذلك إيصال رسالة للإيرانيين بأن السعودية قد شاركت في تنفيذ العملية على أمل أن لا يقتصر الرد الإيراني على الأراضي المحتلة ويمتد ليستهدف حلفاء “إسرائيل” وبذلك توسع “إسرائيل” رقعة احتمالات الرد الإيراني كي لا تقتصر عليها، بصورة مشابهة لحد كبير في طريقة اغتيال الجنرال قاسم سليماني الذي نفذتها الولايات المتحدة وخطط لها الكيان الإسرائيلي، حيث تسعى “إسرائيل” لجر دول الخليج للدخول بصراعها مع إيران بشكل أكبر ولذلك يجب أن يكون الرد الإيراني يستهدف العقل المدبر لتلك العمليات دون استهداف الأذرع كي لا تدخل في الفخ الإسرائيلي.
لا أحد يستطيع أن يتوقع ما سيحدث خلال الشهرين المتبقيين من حكم ترامب وإن كانت “إسرائيل” تنجح في خطواتها التكتيكية في هذه المرحلة، عليها معرفة بأن مساعيها في إنهاء البرنامج النووي الإيراني من خلال إحداثها حرب سينهي كل ما تخطط في “برنامجها التطبيعي” فنشوب هذه الحرب سيوقظ الشعوب العربية من جديد.
رضا توتنجي