نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريراً أكدت خلاله أن المقاتلات الروسية حلقت قريياً من المقاتلات الأمريكية في سوريا بطريقة زادت من مخاطر التصعيد، وفي الوقت ذاته تطالب “الإدارة الذاتية” المدعومة أمريكياً بإعادة تفعيل الحوار مع الحكومة السورية، لا سيما بعد تفعيل مسارات التقارب من دمشق.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال أليكس غرينكويتش، الذي يشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في هذه الأجواء فوق سوريا و 20 دولة أخرى في الشرق الأوسط كقائد لسلاح الجو في القيادة المركزية: “إنه جو مشحون بالنسبة لنا ولا نستبعد ارتكاب خطأ”، مضيفاً أن “هذا يؤشر إلى انهيار في الحرفية بطريقة لم أرها في سلاح الجو الروسي”.
وأضاف غرينكويتش أنه “منذ الأول من آذار خرق الطيران الروسي الاتفاق أكثر من 60 مرة، وحلقت المقاتلات الروسية التي من المتوقع أن تبقى بعيدة مسافة ثلاثة أميال بحرية على مدى 500 قدم من الطيارين الأمريكيين مرتين خلال الأسبوع الماضي، والأكثر إثارة للقلق هو تحليق المقاتلات الروسية فوق القوات الأمريكية في سوريا عدة مرات منذ بداية الشهر الحالي” متابعاً أن “مقاتلات روسية ومسيرات حلقت فوق قاعدة التنف، وزادت القوات الروسية من التصرفات المستفزة في محيط وجود القوات الأمريكية منذ العام الماضي”.
بدوره قال القائد الأمريكي لقوات “التحالف الدولي” في سوريا الجنرال ماثيو ماكفرلين: “إن تحليق الطيران الروسي فوق القوات الأمريكية جار منذ عدة أسابيع، ولا نزال نشاهد نشاطات غير آمنة وغير حرفية من الروس، ونستخدم خط خفض التوتر والتأكد من سلامة قواتنا وتخفيف أي زيادة في المخاطر نظرا للنشاطات” وفقاً لما نقلته الصحيفة الأمريكية.
وسبق أن أعرب مسؤولون في البنتاغون عن قلقهم من تحركات عسكرية روسية في سوريا والتي تصاعدت وتيرتها بعد الحرب الأوكرانية، ففي 18 آذار الفائت أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” الجنرال إريك كوريلا، أن الولايات المتحدة لاحظت تزايداً واضحاً في الحركة الجوية العسكرية الروسية في سوريا خلال شهر آذار وقال: “إن الطائرات الروسية التي تعمل على استهداف مواقع أرضية حلّقت فوق القواعد الأمريكية محملة بالأسلحة في محاولة منها للاستفزاز” مضيفاً أن هذه الطلعات الجوية الروسية ليست جديدة لكن مؤخراً تزايدت بشكل كبير.
ووفقاً لصحيفة “وول ستريت جورنال” فإن المسؤولون الأمريكيون اشتكوا أكثر من مرة للروس الذي رفضوا الشكاوى وقالوا: إن من حقهم القيام بعمليات فوق سوريا.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن سوريا تُعتبر هي المكان الذي تستطيع فيه القوات الروسية تحدي الجيش الأمريكي مباشرة.
وتتواجد الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا بمنطقتي التنف والشرق السوري، وتدعم في تلك المنطقة “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” التي باتت تستشعر خطر التقارب العربي من دمشق التي ترفض التعامل مع “قسد” قبل أن تتخلى الأخيرة عن تحالفها مع واشنطن.
وفي هذا السياق طرحت “الإدارة الذاتية” مؤخراً مبادرة للحل في سوريا تضمنت “التأكيد على وحدة الأراضي السورية، والاستعداد للقاء الحكومة السورية والحوار معها للتباحث والتشاور لإيجاد حلّ ديموقراطي للأزمة بمشاركة جميع المكوّنات، وتأسيس نظام ديموقراطي تعدّدي لا مركزي، واعتبار تجربة الإدارة الذاتية نموذجاً جيّداً للحلّ” كما شدّدت على “أهمّية توزيع الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية بشكل عادل، مع إبداء الاستعداد لاستقبال النازحين والمهجّرين في مناطق سيطرته”، ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادرها أن”الإدارة الذاتية تبدي اهتماماً هذه المرّة بعقد اجتماعات مع دمشق، لمعرفة وجهة نظر الدولة السورية من مبادرتها الأخيرة، ولإدراكها بوجود متغيّرات سياسية طارئة تفرض تقديم تنازلات”.
واستبعدت مصادر “الأخبار” أن “تتخلّى الذاتية وقسد عن شرطهما المرفوض مراراً بضرورة الإقرار الدستوري بقسد والإدارة الذاتية، ما يقلّل من التفاؤل بخروج اجتماعات جديدة – إنْ حصلت – بأيّ نتائج مختلفة عن سابقاتها”، معتبراً أن “إصرارهم على عدم فكّ ارتباطهم بالأميركيين، سيجعل من أيّ حوار أو اجتماع عقيماً حتما”.
يشار إلى أن الوجود الأمريكي في سوريا تعرّض مؤخراً لانتقادات عدة في الداخل الأمريكي لا سيما من قبل عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، إلّا أن الإدارة الأمريكية أكدت أنها لن تنسحب من سوريا خلال المدى المنظور ولن تغيّر سياستها تجاه دمشق لا سيما يتعلق بمسألة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.