رضا زيدان
لن تكون مأساة سكان بلدتي كفريا والفوعة آخر مآسي الشعب السوري، إلّا أنها تحفر في الوجدان قصة شعبٍ صمد أمام التغيرات السياسية والتقلبات الميدانية لاسيما التركية والسعودية، أهالي البلدتين خرجوا من أرضهم بعد حصار، ليجدوا آلة الموت اليومية بانتظارهم.
التسويات التي تقوم بها الحكومة السورية في مناطق ريف دمشق وغيرها تأتي في سياق إنقاذ أرواح الآلاف من الشعب السوري، مقابل السماح للمقاتلين بالخروج من مناطق سيطروا عليها سابقاً، ليكون التفجير الانتحاري الذي استهدف المدنيين الخارجين من كفريا والفوعة، دليلاً ملموساً على أن الحرب لم تكن يوماً أهلية، أو مذهبية، بل إنها حربٌ تخوضها الحكومة السورية ضد الإرهاب.
ما يحدث اليوم هو استراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها في مرحلة مابعد الضربة العسكرية، وربما ماحدث في منطقة الراشدين غرب حلب يكون أولى التدابير الأمنية والعسكرية التي يدور منها الكثير في ذهن ترامب كما أعلن البيت الأبيض ولكن المنفذ يبقى أردوغان، تفجير الراشدين يأتي في دلالاته للتأثير وضرب عدة نقاط رئيسة وهي:
- ضرب مسارات الحل السياسي الذي عرقلته تركيا وواشنطن في الأستانة، فاتفاق كفريا والفوعة عرقلته تركيا ست مرّات.
- التأثير على موسكو لجهة الرد على سلوكها الذي جاء في إطار “كبت الغضب” وامتصاص صدمة العدوان بحكمة، وتظهير هشاسة الضربة الأميركية و”تصفير” مفاعيلها، إذ مضت موسكو في التفرد في استراتيجيتها على جبهتين، تعزيز الدعم العسكري للقوات السورية من جهة، وجبهة الاستمرار في مكافحة الإرهاب.
- كتب “الجنرال الإسرائيلي يعقوب عميدرور” في صحيفة “إسرائيل اليوم” مقالاً يقول فيه: السؤال المهم ما الذي ستفعله واشنطن وموسكو وهما اللتان تقفان وجهاً لوجه على طرفي المتراس ولاسيما مع وجود بوتين صاحب الخبرة الذي نجح في استغلال ضعف الإدارة الأميركية السابقة ويجد نفسه في سلة واحدة مع إيران وسورية لتحقيق المصالح الروسية في الشرق الأوسط، الأولى (أي إيران) ترى فيها واشنطن مصدراً لمشكلات الشرق الأوسط والثانية ( سورية) استخدمت السلاح الكيميائي خلافاً لتعهدات موسكو.
- لا نعرف بدقة ماهية الرسائل التي أوصلتها كل من الولايات المتحدة وتركيا لروسيا، إذ عدّت الأولى على لسان ترامب أن السلام ليس مستحيلاً في ظل بقاء الأسد في سلطته وأنه لا إصرار على رحيله، في حين قالت تركيا على لسان وزير خارجيتها جاويش أوغلو أن بلاده ستواصل محادثات أستانة وأن أنقرة وموسكو قادرتان على حل مشكلات المنطقة، مظهراً انزعاج دول لم يسمها بتطور العلاقات التركية الروسية.
رسائل عديدة تصل لموسكو تباعاً من خصومها المشتبكين معها في الملف السوري، وحده بوتين من يملك الإجابة عليها والتي لن تطول حتى نسمعها وبالفم الملآن، ولكن هل سيساوي المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بين الأطفال الذين وقعوا يوم أمس في الراشدين مع أطفال خان شيخون أم أن الإنسانية لمكان دون آخر؟