“وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان”، قصيدة غنتها فيروز وكتبها الشاعر طلال حيدر، إلا أن هذه القصيدة ليست كغيرها من القصائد، أي أن كلماتها لم تُكتب عن عبث، بل تحمل في طياتها قصةً “فدائية” يندى لها الجبين.
..
كان الشاعر طلال حيدر يحتسي فنجان قهوته الصباحي والمسائي على شرفة منزله المطلة على غابة تقع على مقربة من منزله.
..
وفي فترة من الزمن، بالتزامن مع توقيت احتساء طلال لقهوته، كان يلاحظ دخول 3 شبان إلى الغابة في الصباح ويخرجون في المساء، ويوم بعد آخر، بات الشباب يلقون التحية على طلال في الصباح عند دخولهم إلى الغابة وكذلك في المساء.
..
وهنا، اعتاد طلال حيدر أن يرى هؤلاء الشبان كل يوم، وهو يتساءل في نفسه: “ماذا يفعل هؤولاء الشبان داخل الغابة؟”، إلى أن أتى اليوم الذي ألقى به الشبان التحية على طلال في الصباح ودخلوا إلى الغابة، إلا أن المساء هنا كان مخلتفاً، إذ لم يخرجوا الشبان !!، فبات طلال ينتظرهم، مضى الليل ولم يخرجوا أيضاً، فقلق عليهم.
..
وفي اليوم التالي، يسمع طلال خبر مدوي، “33 شبان قاموا بعملية فدائية وسط فلسطين المحتلة”، وعندما شاهد صور الشبان الثلاثة فوجئ أن الشبان الذين استشهدو هم أنفسهم الشبان الذي اعتاد أن يتلقى منهم التحية في الصباح والمساء.
..
وعرفت تلك العملية بعملية “الخالصة”، التي نُفذت في مستوطنة كريات شمونة، شمال فلسطين المحتلة، في صباح 11 نيسان عام 1974، وكان منفذيها من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهم الفلسطيني منير المغربي، والسوري أحمد الشيخ محمود، والعراقي ياسين موسى فزاع الحوراني.
..
ليكتب طلال بعد ذلك قصيدة مطلعها “وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان، بسكروا الغابة، بضلوا متل الشتي يدقوا على بوابي”.
69