خاص || أثر برس في خطوة هدفها -كما قال جمال القادري رئيس اتحاد العمال- “عقلنة” التوجهات الحكومية لإعادة النظر بآليات توزيع الدعم والفئات الاجتماعية المستفيدة منه، عقد الاتحاد العام لنقابات العمال ورشة عمل حول سياسات الدعم الاجتماعي الحكومي والبدائل الممكنة بحضور حكومي تمثل في وزيرين (التجارة الداخلية والعمل) ورئيس هيئة تخطيط الدولة، عدد من أعضاء مجلس الشعب، بعض أساتذة الجامعات، ممثلي أحزاب، مهتمين بالشأن العام.
الورشة التي حضرها موقع “أثر برس”، شهدت نقاشات واسعة تجاوزت الموضوع المستهدف إلى قضايا اقتصادية أخرى، وهو ما يؤكد أن توجه الحكومة لتطبيق أي مقترح في ملف الدعم الحكومي من دون فتح نقاش عام حوله، من شأنه أن يواجه بمعارضة شديدة كما حدث سابقاً عندما قررت حكومة المهندس ناجي عطري رفع سعر مادة المازوت في العام 2008.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم تطرق في كلمته إلى عدة نقاط كان أبرزها تحفظه على ما قاله رئيس هيئة تخطيط الدولة من أن الدعم هو خط أحمر، معتبراً أن هذه الكلمة كافية لتجعل المواطن يعتقد أن الحكومة سترفع الدعم بحكم ما ولدته هذه الكلمة من عدم ثقة بين الطرفين خلال الفترة الماضية.
الوزير اعتبر أن تناول الدعم الحكومي يجب أن يتم من خلال محورين: الأول تحديد الفئات غير المستحقة للدعم، وحسب نتائج بحث سابق قام بها على أنظمة الدعم العالمية فإن 57% من الأرقام المخصصة للدعم في دول العالم كانت تذهب إلى 20% من السكان، والذين يمثلون الشريحة الأغنى. والحكومة تناقش مجموعة أسس ومعايير يمكن استخدامها لتحديد الفئات غير المستحقة للدعم، لكنها مجرد أفكار ولم تقر بعد.
أما المحور الذي استفاض في شرحه وزير التجارة الداخلية فيتمثل في جانب الهدر والسرقة لمخصصات الدعم، فمثلاً مخصصات محطات الوقود يتخللها فساد كبير نتيجة عدة أسباب أبرزها هامش الربح القليل جداً الممنوح لمحطات الوقود، التي تضطر إلى دفع مبالغ كرشاوى لعدة أطراف وهذا يجعل من أية محطة وقود تعمل بشرف هي خاسرة، كذلك الأمر بالنسبة للأفران التموينية الخاصة في حال تطبيقها بالتسعيرة التموينية، ولهذا تعمل الوزارة حالياً على معالجة هذا الملف بحيث تجعل هذه الجهات رابحة بغية الحد من فسادها.
وتعقيباً على إجراءات الوزارة في محاربة الاحتكار، كشف الوزير أن توجيه السيد رئيس الجمهورية في هذا الشأن أنه ليس هناك اسم محمي على الإطلاق، وطبقوا القانون إلى الحد الأقصى.
من جانبه، كشف رئيس هيئة تخطيط الدولة الدكتور فادي خليل عن وجود لجنة حكومية تعمل على وضع اقتراح لسيناريوهات لإعادة توجيه الدعم الحكومي بحيث يصل إلى مستحقيه، واصفاً الآليات الجديدة بأنها ستكون مريحة وجيدة.، لاسيما وأن التجربة أكدت أن الأفقر هو الأقل استفادة من الدعم، والغني هو الأكثر استفادة، مشيرا إلى أن عملية تعديل الآلية مستمرة وبدأت منذ عام ٢٠٠٤، وحاليا نحتاج إلى تطوير المنظومة عبر توفير البيانات المتكاملة حول الأسر التي تستحق الدعم، وخاصة تلك الفقيرة والتي لا تجد سبلاً للعيش. والمعايير التي ستستخدم لتحديد المستحقين للدعم ستكون مركبة سعياً نحو مزيداً من الدقة.
أما رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري فتطرق إلى أهمية معالجة وضع الدخول باعتبارها المدخل لتحسين الوضع الاقتصادي وتالياً إعادة النظر بآليات الدعم الحكومي الذي يعاني من عدم موضوعية الأرقام والبيانات المعلنة من جهة، ومن عدم دقة التكاليف فمثلاً وزارة الكهرباء تعترف بوجود فائض في الكهرباء نتيجة الهدر والفاقد الفني والسرقة قدره 40% ومع تكلفة هذا الفاقد يحسب من تكلفة الدعم.
وـأكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين على أن أولوية الوزارة هي دعم الشق التنموي في عمل الجمعيات الأهلية بالنظر إلى تأثيراته على الوضع المعيشي للأسر الفقيرة عبر تمكينها من إيجاد مصدر دخل مناسب لها، مشيراً إلى أن الصندوق الوطني للمعونة الإجتماعية قدم مساعدات ليست بالقليلة للأسر الأكثر هشاشة، وهناك مجموعة برامج في هذا المجال والوزارة تعمل مع الوزارات المعنية على وضع مقترحات عادلة لآليات توجيه الدعم ليصل المستحقين فعلاً.
معظم مداخلات الحضور ركزت على نقاط هامة كان من أبرزها:
-أهمية النظر بمسألة الدخول والأجور، لاسيما بالنسبة للعاملين والموظفين.
-الدعم الحكومي في الظروف الراهنة هام جداً وأي إجراء يمكن أن يؤدي إلى أثار سلبية على المجتمع.
-أن تكون معايير تحديد الفئات المستحقة أو غير المستحقة عادلة وموضوعية.
-دعم إنشاء شبكات الحماية الاجتماعية والاستفادة من تجربة الجمعيات الأهلية، ودعم صندوق المعونة الإجتماعية وتعديل آلية عمله.
-ضرورة ضبط الهدر ومكافحة الفساد، والبحث عن بدائل واقعية لتصويب الدعم المقدم بعيداً عن تجارب البدل النقدي، التي أثبتت التجارب فشلها وإعداد موازنات مالية بأرقام حقيقية.
-مكافحة الهدر والفاقد الكبيرين في جوانب الدعم المختلفة الاجتماعية والمباشرة، إضافة لدعم الإنتاج وتعديل آلية عمل السورية للتجارة.
-ضرورة إعادة النظر بالسياسة السعرية للسلع والمنتجات والتي لا تسعر بناء على التكاليف، وإنما على مكان تواجدها والشخص.