زياد غصن || أثر برس نشر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق قبل أيام عدة “بوستاً” على صفحته الشخصية على منصة “الفيسبوك”، تحدث فيه عن ظاهرة سرقة المشتقات النفطية، وأنه قدم أثناء توليه منصبه في العام 2021 مذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء يؤكد فيها أن ما يتم استيراده من “مشتقات نفطية” يكفي حاجة البلاد ولجميع الأغراض، وقد تضمنت تلك المذكرة كما قال كل “التفاصيل والحلول”.
في البوست المنشور للوزير السابق، والذي قد يتفق البعض مع ما جاء فيه من طروحات أو لا، استوقفتني الأرقام المتعلقة باستهلاك البلاد من مادة المازوت قبل الحرب وخلالها، إذ بحسب ما يشير الوزير السابق فقد قيل له أثناء طرحه للمذكرة في رئاسة مجلس الوزراء إن كمية المازوت الموزعة قبل الحرب كانت تصل إلى حوالي 22 مليون طن سنوياً، وفي العام 2021 وصلت الكمية إلى حوالي 8.5 مليون طن.
في بداية الأمر لم أكن أود التعليق على تلك الأرقام لاعتقادي أن أحداً ما من المتابعين والمعلقين على بوست الوزير السابق سينتبه إلى وجود خطأ في تلك الأرقام، ويكتب أو ينبه الوزير السابق لتصويب ما كتبه، لكن بحسب متابعتي للتعليقات المنشورة فإن ذلك لم يحدث رغم تداول البوست المذكور وانتشاره على صفحات التواصل وبعض المواقع الإلكترونية، وإذا كان هناك من فعل ذلك فإنني سأضيف إلى ما كتبه أو قاله ما يلي:
إذا قمنا بتحويل وحدة القياس في الرقم المشار إليه سابقاً من الطن إلى الليتر، فإن كمية المازوت الموزعة يومياً قبل الحرب تبلغ وسطياً حوالي 57.496 مليون ليتر، وفي العام 2021 تصل الكمية حوالي 22.105 مليون ليتر، وهذه أرقام خيالية جداً، علماً أن الموزع حالياً في السوق المحلية بموجب بيانات وزارة النفط والثروة المعدنية لا يتجاوز 4.5 ملايين ليتر يومياً.. ماذا يعني ذلك؟
نحن أمام تفسير واحد من اثنين:
-إما أن الوزير السابق نقل حرفياً ما قيل له، سواء تم ذلك بشكل شخصي أو خلال اجتماع حكومي ما، وهذا ليس بجديد في ظل حالة استسهال العديد من المسؤولين الحكوميين إطلاق أرقام وبيانات غير دقيقة لعدة أسباب، هذا فضلاً عن فضيحة البيانات الخاطئة التي أعقبت عملية استبعاد آلاف الأسر من الدعم، لكن أن يصل الأمر إلى هذا المستوى فهذا يؤشر إلى ماهية المشكلة التي تعانيها البلاد في هذه المرحلة.
– التفسير الثاني أن الوزير هو المخطئ سواء في اعتماد رقم غير صحيح أو في عدم الانتباه إلى وحدة القياس، فربما كان المقصود بوحدة القياس ليتر وليس طن (التفسير الأصح على ما يبدو)، وهذا يدلل على وجود مشكلة لدى الوزير السابق في التعاطي مع الأرقام ومقاربته، لاسيما وأن وزارة التجارة الداخلية هي المعنية بمتابعة ورصد الأسواق من حيث كميات السلع والمواد المعروضة فيها والمستهلكة وأسعارها ومواصفاتها.. الخ.
وعليه أقول: أن يخطئ شخص غير فني أو صحفي غير متخصص فهذا أمر وارد وطبيعي، لكن أن يخطئ وزير سابق جل عمله كان قائماً على جمع الأرقام والبيانات وصناعة القرارات بناء عليها.. فهذا أمر لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، وخاصة وأن الوزير السابق هو الذي بادر بإثارة الموضوع وطرح الأرقام السابقة
في كلا الحالتين.. ليس أمامنا سوى القول: الله يعين هالبلد.