فتح الإعلام الأمريكي مجدداً ملف الوفد الأمريكي الذي زار دمشق في آب الفائت لبحث قضية “المختطفين الأمريكيين” الموجودين في سوريا ورفض دمشق تقديم أي تنازلات قبل تنفيذ كافة طلباتها من واشنطن، فبعد مرور شهور عديدة على ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” حول هذه الزيارة، عاودت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية طرح هذا الملف، مشيرة إلى ما أطلقت عليه “مفاوضات سرية” جرت بين واشنطن ودمشق حينها.
وأفادت الوكالة الأمريكية بأن “مسؤولين أمريكيين اثنين توجها إلى دمشق في آب العام الماضي لعقد اجتماع سري مع زملائهما السوريين بهدف بحث مصير الأمريكيين الذين يعتقد أنهم محتجزون في البلاد، منهم الصحفي أوستن تايس الذي خطف منذ ثماني سنوات ولا يزال الغموض يلف مصيره منذ ذلك الحين”.
ولفتت الوكالة إلى أن تحرير الأمريكيين المحتجزين كان سيجلب منفعة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قبل أشهر من انتهاء ولايته، مضيفة أن “اختراقاً بدا ممكناً”.
لكن تلك الزيارة السرية، حسب التقرير الذي يعتمد على إفادات عدد من الأشخاص المطلعين على الموضوع طلب بعضهم عدم الكشف عن هويتهم، فشلت في تحقيق أي نتيجة، بعد أن طرح الجانب السوري سلسلة مطالب كانت ستتطلب من واشنطن تغيير سياساتها جذرياً تجاه دمشق، بما في ذلك رفع العقوبات وسحب قواتها من البلاد واستئناف العلاقات الدبلوماسية الطبيعية.
وأوضح التقرير أن الوفد الأمريكي، خلال اجتماع عقد في مكتب مدير إدارة المخابرات العامة السورية علي مملوك، طلب معلومات عن تايس وغيره من الأمريكيين المحتجزين، منهم عالم النفس مجد كمالماز الذس اختفى عام 2017.
لكن بعد رفض الأمريكيين تلبية الشروط المطروحة، لم يعرض السوريون أي معلومات ذات قيمة كان من شأنها تأكيد بقاء تايس على قيد الحياة، ما كان سيعد لحظة رمزية في الاتصالات بين الدولتين.
وكشفت “أسوشيتد برس” أن الولايات المتحدة حاولت إقامة علاقات مع دمشق قبل بدء الزيارة المذكورة، حيث نقلت عن المسؤول الأمريكي كاش باتيل الذي شارك في المفاوضات بصفة “كبير المستشارين لمحاربة الإرهاب” في البيت الأبيض، قوله: “إن التحضيرات للاجتماع استغرقت أكثر من عام، وفي هذا الصدد اضطررنا إلى طلب الدعم من لبنان”.
كما كشف باتيل أن “شريكاً للولايات المتحدة في المنطقة” أسهم أيضاً في “بناء حسن النية” مع دمشق، إذ عرض على الحكومة السورية مساعدة في علاج السيدة الأولى السورية أسماء الأسد من مرض السرطان “دون أن يقدم المزيد من التفاصيل حول هذا الطرح”.
وأعرب باتيل عن بالغ أسفه إزاء فشل الاجتماع مع السوريين، قائلاً “إنه يعتبر الإخفاق في إعادة تايس إلى وطنه من أكبر إخفاقاته في إدارة ترامب”.
يشار إلى أن صحيفة “الوطن” السورية نقلت عن مصادرها الخاصة في تشرين الأول الفائت أن المسؤولين الأمريكيين اللذين زارا دمشق فوجئا بموقفها ذاته بأنه لا نقاش ولا تعاون مع واشنطن قبل البحث بالانسحاب الأمريكي، مبينة أن دمشق أصرت على انسحاب القوات الأمريكية المحتلة من شرق البلاد وظهور بوادر حقيقية لهذا الانسحاب على الأرض، لافتة إلى أن دمشق رفضت مناقشة العقوبات الأمريكية عليها قبل مناقشة ملف الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية، موضحة أن المسؤولين حاولا كسب تعاون دمشق في ملف “المخطوفين” الأمريكيين لكنها تمسكت بموقفها بأولوية الانسحاب.
وأشارت المصادر حينها إلى أن هذه ليست الزيارة الأولى لمسؤولين أمريكيين بهذا المستوى الرفيع لدمشق، لافتة إلى أن هذه الزيارة سبقها 3 زيارات مشابهة إلى دمشق خلال الأشهر والسنوات الماضية، مشددة على أن دمشق حذرة حيال نمط هذه الزيارات الأمريكية لجهة أنها لا تثق بها أو بنتائجها المحتملة، مضيفة أن القيادة السورية تدرك تأثير اللوبيات الأمريكية على الرؤساء الأمريكيين وقراراتهم وسياساتهم العامة.