أثر برس

يمن وسلام

by Athr Press

قرب مكتبة عامة لبيع الصحف، كان صوت الرجل الخمسيني يشدُ العابرين نحوهُ.. اقتربت أكثر لأتبين ما السر الذي جعلهم يهتمون بهِ إلى هذا الحد، كان واقفاً يحملُ أوراق غير مرتبة وبعض الأدوية ويتحدث لبعض الشباب قبل أن يصغي لحديثهِ كل من سمعه من العابرين.

كان يحث الشباب على السلام في سبيل هذا الوطن، على اختلاف وانتمائهم وتوجهاتهم وألوانهم حدق الجميع بهذا الرجل الخمسيني وهو يردد ويشدد كثيرا على السلام غم تداعيات الحرب وأحقادها، مستشهدا بموقف مانديلا الذي رغم سجنهِ لأكثر من عشرين عام، إلا أنه خرج يصافحُ سجّانيهِ في أبهى صورة تتجلى فيها معاني “السلام” وسيظل مانديلا شارته العظمى أبد الدهر.

أكثر ما شد انتباهي للموقف هو الرجل الخمسيني الذي لم يكن يتبع حزباً أو جهة معينة سوى أنه أبن هذه الأرض والوطن الذي يستحق الحياة لا الموت. حياة كالتي ينشدها الخمسيني تلامس كل الأرواح المتعبة والمرهقة من الحرب، فالجميع هنا يريد السلام وينشده حتى في أحلامه ويكتبه في الصباح على قهوته وعلى الجدران وعلى النوافذ.

هذا الخمسيني جعل الكثيرين مشدوهين بطريقة تأثيره على الناس ويذكرني بطريقة تأثير الجماعات الدينية لمتشددة، غير أن الفارق  بينهم هو أن الخمسيني يصدر فتوى للبناء والتعايش بين جميع أطياف المجتمع، بعكس الخُطب الدينية المتشددة التي للأسف مازالت تروج  للجهاد تحت مظلة التكفير.

التشدد الديني ينخرُ بضلوع كل بلد ولا يعيد ترميمها إلا بعد عشرات السنين كما حدث في حروب أوربا الدينية والمذهبية التي اهتدت للسلم بعد خسرت كل شيء في الحرب.

نحنُ بأمسِّ الحاجة لأن نترك غراب التشدد والتعصب الديني والحروب بالوكالة أيا كان دافعها خلفنا؛ فاليمن تستحقُ البناء، وهذا الشعب الصامد والصابر يستحق أن يرى السلام معلقاً على المنازل وفوق المساجد والكنائس والمعابد.

بعد لحظات رحل الرجل الخمسيني وأنا أقرأ بعيون الذين كانوا بقربي أمنيات أن يحل السلام وصلاة الطيور فوقنا؛ قبل أن يقطعنا رجل ببذلة أنيقة يذكر أن جاره الخمسيني رزق منذ أشهر بطفلتين توأم  أسماهما “يمن” و “سلام”.

 

بقلم: عبد الحكيم الكمالي

 

 

اقرأ أيضاً