عاد الحديث مجدداً عن عرقلة المحادثات الأمريكية-التركية حول شرق الفرات، لكن تركيا لم تبدأ إلى الآن أي عملية عسكرية في الشمال السوري، في حين تقتصر عملياتها على تبادل لإطلاق النار بين القوات التركية و”الوحدات الكردية” ما يتسبب بسقوط ضحايا بين المدنيين، وكما يبدو أن أمريكا تسعى جاهدة إلى عدم التخلي عن الأكراد وفي الوقت ذاته الحفاظ على علاقاتها مع تركيا.
وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة “القدس العربي” أن تركيا لن تقدم على أي عمل عسكري دون التنسيق ولو بشكل ضمني مع أمريكا، فورد فيها:
تركيا لا ترغب على الإطلاق بالدخول في مغامرة من هذا القبيل سواء مع أمريكا أو روسيا وترجح دائماً العمل بتنسيق مع القوى الكبرى التي تسيطر على المنطقة، كما جرى بالتنسيق مع واشنطن في عملية درع الفرات ومع روسيا في عملية غصن الزيتون، وهو ما يمكن أن تنجح فيه هذه المرة أيضاً عبر الحصول على موافقة أمريكية ولو ضمنية بالدخول إلى مناطق محددة شرقي نهر الفرات.
بينما تحدثت “ملليت” التركية عن احتمال التدخل العسكري الأمريكي في هذه المعركة فنشرت:
“من الواضح تماماً أن الولايات المتحدة تماطل تركيا بشأن المنطقة الآمنة، كما فعلت في منبج، وأن المبادرات الدبلوماسية في هذا الخصوص لم تؤتِ ثمارها.. أما التدخل العسكري الأمريكي فبالتأكيد لن تصطدم القوات الأمريكية بالجيش التركي، وعلى أي حال ليس هناك وحدات مقاتلة أمريكية في المنطقة، ولذلك ستلجأ واشنطن لاستخدام مطاياها من التنظيمات الإرهابية، أو عن طريق الجنود المرتزقة، فقد زاد عددهم. وقد تلحق واشنطن خسائر بالقوات التركية عبر قصف جوي مدعية أنه حدث بالخطأ أو عن غير قصد.
في حين تناولت “كومير سانت” الروسية التخبط الأمريكي في هذه المعركة، حيث جاء فيها:
“لا نستبعد أن تشن تركيا عملية محدودة في المنطقة الحدودية. والسؤال هو ما إذا كانت واشنطن ستقدم في هذه الحالة على مواجهة عسكرية مباشرة مع أنقرة لحماية الأكراد، فـ “واشنطن بوست”، ترى أن دونالد ترامب يفتقر إلى الموارد الداخلية لفعل ذلك، ولن يتمكن من الاتفاق مع الكونغرس.. وفي الوقت نفسه، لا تريد واشنطن أن تخسر التحالف مع الأكراد، خشية أن تدفعهم تهديدات أنقرة إلى تكثيف الحوار مع دمشق حول إعادة الأراضي على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى سيطرة السلطات السورية. فيما تصر موسكو على هذا الخيار، وهي مستعدة، على أساسه، لتوفير الحماية للأكراد”.
واضح أنه في هذه المعركة باتت أمريكا طرف أساسي، والمتغيرات الأخيرة في علاقتها مع حلفاءها الأكراد والأتراك باتت تُشعرها أن لدى هؤلاء الحلفاء بدائل عنها إن فكرت بالتخلي عنهم، فهي تخشى من توجه الأتراك إلى روسيا في سورية ما يهدد مصالحها في إدلب والحرب السورية بشكل عام، وفي الوقت ذاته تخشى من توجه الأكراد إلى الدولة السورية وتسليمها منطقة شرق الفرات وبالتالي يُهدم كل ما بنته وأسسته واشنطن في شرق الفرات، خصوصاً بعد ازدياد الحديث في الأوساط الكردية عن تخوفهم من تخلي أمريكا عنهم مشددين على ضرورة اللجوء إلى الدولة السورية لحماية أنفسهم من خطر الحرب.