يستيقظ شمس الدين مرزوق صباحاً لتبدأ رحلته الإنسانية التي حتمت عليه بأن يقدم العون لجثث المهاجرين مجهولي المصدر، الذين أنهوا رحلتهم الأخيرة قرب السواحل التونسية.
إذ يقوم مرزوق بدفن جثث المهاجرين في مقبرة “جرجيس” جنوب شرق تونس، على بعد 540 كلم من العاصمة، والتي يتم العثور عليها في سواحل المنطقة، وهذا في إطار عمل إنساني جعله ينخرط في العمل التطوعي من خلال الهلال الأحمر، ويحاول أن يعيد لهؤلاء “القليل من الاعتبار بعد موتهم”.
وأضحى العمل الإنساني منذ سنوات جزءاً لا يتجزأ من حياة التونسي البالغ من العمر 51 عاماً، الذي يصارع الحياة من أجل لقمة العيش كصيادٍ في بعض الأحيان وسائق تاكسي في أحيان أخرى، ولم يكن ممكناً بالنسبة له أن يبقى مكتوف اليدين أمام هول أزمة المهاجرين التي اجتاحت جزءاً من بلاده، وما ترتب عنها من مآس.
يقول شمس الدين عن عمله الإنساني: “أقوم بنقل جثث موتى المهاجرين على متن سيارة عادية، وأسعى من خلال عملي أن أوفر لهؤلاء المهاجرين الذين قضوا في البحر شروط دفن “تحترم الذات البشرية”، فهؤلاء المهاجرون عاشوا العذاب في بلدانهم وخلال رحلاتهم للهجرة، وعلى الأقل نعطيهم القليل من الاعتبار عند دفنهم”.
ويستذكر مرزوق المشاهد المأساوية التي صادفته وسط مجموع مشاهد الموت التي واجهته في عمله الإنساني، وتعود آخر عملية دفن جثث مهاجرين قام بها إلى السابع من الشهر الجاري، حيث وارى التراب امرأتين من مجموع أكثر من 30 جثة دفنها خلال العام الحالي.
وأصبحت مقبرة “جرجيس” التي عرفت بـ “مقبرة المغتربين” مكتظة بالقبور، فلم يعد بإمكانها استيعاب المزيد من الجثث، ما دعا شمس الدين مرزوق اليوم لطلب المساعدة ومد العون له في تحقيق هدفه الإنساني.