اعترف الجيش الأمريكي بإصابة 11 جندي من قواته في الرد الصاروخي الإيراني باستهداف قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق، حيث جاء هذا الكشف بعد مرور 10 أيام على الاستهداف وبعد تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على عدم وجود أي إصابات بين الجنود الأمريكيين إثر الضربة الصاروخية التي شكلت المرحلة الأولى من الرد الإيراني على اغتيال قائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.
كما أشار إعلاميون ومراقبون أمريكيون إلى أن هناك العديد من الحقائق التي لم تنكشف بعد حول هذا الاستهداف، وفقاً لما أظهرته المقاطع المصورة ولما أكده أهالي بعض جنود الجيش الأمريكي الذين كانوا متواجدين في القاعدة الأمريكية، وهذه التطورات تتواتر مع بعضها في الوقت الذي تشدد فيه إيران على أن هذا الاستهداف هو المرحلة الأولى من الرد والهدف النهائي هو إخراج الجيش الأمريكي من الشرق الأوسط بالكامل.
مما لا شك فيه أن هذا الاعتراف الأمريكي بعد 10 أيام من الاستهداف وبعد انتشار العديد من التقارير الإعلامية الإيرانية والأمريكية والتي تؤكد بالدلائل والصور والتحليلات العسكرية الدقيقة أنه من المستحيل عدم وجود ضحايا بهذا الاستهداف، زاد من أهمية الضربة بعد محاولات العديد من وسائل الإعلام العربية والغربية، التقليل من حجم هذا الاستهداف، كما أضعف قوة ومصداقية الإدارة الأمريكية أمام شعبها وحلفاءها، وهذا ما أكده الصحفي الأمريكي نائب رئيس تحرير موقع THE GRAYZONE بنجامين نورتن خلال لقاء مع قناة “الميادين” حيث قال: “العديد من التساؤلات تدور في ذهني حول ما حدث في استهداف قاعدة عين الأسد وأعتقد أن الولايات المتحدة لا تقُل الحقيقة ونعرف أن الحكومة الأمريكية تواظب على الكذب”.
إضافة إلى ذلك، يتوقع أن يكون هذا التكتم دليل واضح على أن ترامب لا يرغب بالتصعيد العسكري مع إيران لأن هذا التصعيد يعني حرب شاملة في المنطقة وتوقيت هذه الحرب الآن يعتبر غير مناسب بالنسبة لترامب، بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وبالتزامن مع الكشف عن المزيد من الحقائق حول نتائج المرحلة الأولى من الرد الإيراني، لا يزال الحديث مستمراً عن آلية الرد في المراحل المقبلة، حيث سبق أن نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية تقريراً جاء فيه: “إيران لديها العديد من الأساليب التي يمكنها أن تُقلق بها الولايات المتحدة، وتقض مضجعها في المنطقة بأسرها، مثل تهديد الملاحة في مضيق باب المندب، وفي الخليج وبحر عمان، ناهيك عن الهجمات الإلكترونية التي يمكن أن تضر بالولايات المتحدة في المستقبل”، كما سبق أن أكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية في افتتاحيتها أن “لن نعرف التأثير الحقيقي لاغتيال سليماني لأشهر أو ربما سنوات”، كما تحدثت مُعظم الصحف على أن إيران لن تكتفي بهذا الرد.
من الواضح أن إيران لن تكتفي بهذا الرد، خصوصاً بعدما أعلنت أن الرد الحقيقي سيكون بإخراج القوات الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط، لكن في الوقت ذاته يشدد المسؤولون الإيرانيون على أنهم حريصون على عدم التعرض لأي مواطن أمريكي، ما يشير إلى أن استكمال عملية الرد قد يكون بطرق واساليب مختلفة على الأقل خلال الفترة الحالية، وتصريحات ترامب وقرارته يبدو أنها عامل مساعد لإيران إلى حد كبير بسبب ابتعاده عن الواقع وفقدانه لمصداقيته.
والجدير بالذكر أنه في الوقت الذي تنكشف فيه أكاذيب الإدارة الأمريكية، والذي يتم خلاله الحديث في وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن مصير الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، يرى المراقبون وجود نشاط ديبلوماسي كبير لعديد من الدول تجاه إيران، حيث أعربت العديد من الدول عن رغبتها بزيادة التعاون مع إيران على كافة الأصعدة مثل الصين والهند، وفيما يتعلق بدول الخليج أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تصريح أخير له، أن بلاده مستعدة للدخول في حوار مع السعودية وكافة دول الخليج، ففي ظل هذه التطورات كيف ستكون ملامح المرحلة المقبلة؟