خاص || أثر برس يعاني سكان مدينة “الشدادي”، الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي من فقدان الأوراق الثبوتية الشخصية والعائلية في ظل ممارسات تعسفية من قبل “قسد”، تمنعهم من الوصول إلى مدينة الحسكة لاستخراج هذه الوثائق سواء للمرة الأولى أو كبدل ضائع، ما ينعكس على حياتهم المعيشية بشكل كبير، ويعرضهم للاعتقال من قبل “قسد”، نفسها.
زواج بلا هوية
جاسم المحمد البالغ من العمر 23 عاماً، يؤكد خلال حديثه لـ “أثر برس”، أنه لم يحصل بعد على البطاقة الشخصية التي تصدر عن دوائر الدولة السورية بعد، فحينما بلغ السن القانونية للحصول على البطاقة لم يتمكن من التوجه إلى مدينة الحسكة بسبب وجود تنظيم “داعش”، في مدينته، وبعد دخول “قوات سوريا الديمقراطية”، لم يتبدل الوضع نهائياً، فخروجه من المدينة يعتبر مغامرة قد تعرضه للاعتقال من قبل حواجز “قسد”، نفسها رغم معرفتهم بالأسباب التي تجعل الكثيرين من أبناء الريف الجنوبي لمحافظة الحسكة بدون أي بطاقة تعريفية لهم حتى الآن.
ويؤكد كلامه “عادل عبد الله”، بالقول: “عمري 24 عاماً، وأصبح لدي ولدان بعد زواجي غير المسجل لدى الدوائر الرسمية الحكومية بسبب تعاقب عدد كبير من المجموعات المسلحة على مدينة “الشدادي”، وأتقاسم هذا الحال مع عدد كبير من الشبان الذين تزوجوا بدون تثبيت لعقود زواجهم رسمياً، لكونهم لا يمتلكون بطاقات شخصية، ولا يوجد أي طريقة ممكنة لحل هذه المشكلة طالما “قسد”، مستمرة بذات السياسة تجاه المواطنين المقيمين في المنطقة، فلا هم يسمحون لنا بالوصول إلى مدينة الحسكة لمراجعة دوائر النفوس، ولا هم يتركوننا بحالنا لكوننا لا نحمل بطاقات شخصية، وقد يصل الأمر حد الاعتقال بعد إلصاق تهمة “الانتماء لتنظيم داعش”.
“قسد” لا تعترف بـ “قسد”
تقول فاطمة العيسى لـ”ثر برس” إن ما يسمى بـ “الحسبة”، التي كانت تعد بمثابة الشرطة الإسلامية في صفوف تنظيم “داعش”، قامت بمصادرة الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأشخاص والعوائل بهدف منعهم من النزوح أو الخروج من المدينة بدون موافقتها، وحين انسحب تنظيم “داعش” من “الشدادي” في آذار من العام 2016، اختفت “الحسبة” واختفى معها كل ما صادرته من أوراق ثبوتية، الأمر الذي ينعكس منذ أربع سنوات على الحياة المعاشية للمواطن الذي يرغب بالتوجه إلى مدينة الحسكة لمراجعة الأطباء والمشافي هناك، والمخاوف من “قسد”، نفسها قبل أي جهة أخرى.
توضح فاطمة خلال حديثها لـ “أثر برس”، بالقول: “للخروج من مدينة الشدادي إلى أي منطقة بما في ذلك المناطق التي تحتلها قوات سوريا الديمقراطية، نتوجه إلى ما يعرف بـ (الكومين)، أو المجلس المدني للحصول على ورقة تثبت الشخصية، وما إن نخرج من المدينة تقوم الحواجز التابعة لما يعرف بـ “الأمن الداخلي”، بإجبارنا على العودة إذا لم يتم الاعتقال الفوري نظراً لعدم اعترافهم بالأوراق التعريفية التي تمنح لنا بشكل مؤقت، ولا يبدو أن ثمة حل جذري للمشاكل التي نعاني منها بسبب فقدان الأوراق الثبوتية إلا بخروج قسد وعودة الدولة السورية”.
ويشير “أبو مازن”، الذي أخذت بطاقته الشخصية من قبل “الحسبة” في زمن انتشار تنظيم “داعش” في ريف الحسكة الجنوبي، إلى أنه توجه إلى “الكومين”، للحصول على ورقة تثبت شخصيته بهدف التوجه إلى مدينة الحسكة لإسعاف ابنته إلى أحد المشافي الحكومية، إلا أنه وبعد الخروج من مدينة الشدادي تم توقيفه من قبل أحد حواجز “الأمن الداخلي” التابع لـ “قسد”، والذي يعرف باسم “الآسايش”، بعد رفضهم الاعتراف بـ “بطاقة التعريف”، التي حصل عليها من جهة من المفترض أنها تتبع لـ “قسد”، أيضاً، وأجبر الرجل البالغ من العمر 40 عاماً على الاستعانة بمن كان معه من ركاب في الحافلة التي كانت تقله لإعادة ابنته إلى منزلهم لكونهم بقي موقوفاً لدى “الآسايش”، لمدة أسبوع إلى أن تدخل وجهاء العشائر في المدينة لإطلاق سراحه بعد تعريفهم به.
لا يمكن الحصول على إحصائية دقيقة بعدد المواطنين غير الحاملين للبطاقة الشخصية في مدينة الشدادي خصوصاً، وريف الحسكة الجنوبي عموماً، وصولاً إلى مناطق ريف دير الزور والرقة التي تحتلها “قسد”، كما إن عدد حالات الزواج غير المثبت بشكل رسمي متزايد بفعل ممارسات “قوات سوريا الديمقراطية”، ما يعني مزيداً من الولادات غير الموثقة، مضافاً إليها الكثير من حالات الوفاة غير المسجلة لدى دوائر الدولة السورية رسمياً.
محمود عبد اللطيف – الحسكة