يبدو من خلال التقدمات التي يحققها الجيش السوري في ريف إدلب ، أن الدولة السورية ماضية فعلاً باستعادة أراضيها والقضاء على “جبهة النصرة” وباقي المجموعات المسلحة الموجودة فيها، ومن الواضح أيضاً أن هذا القرار يتم بالتنسيق مع الجانب الروسي الذي أكد ولأكثر من مرة عدم التزام تركيا ببنود الاتفاقيات التي أبرمتها مع روسيا، ما يعني أن تركيا بدأت بخسارة أوراقها بشكل فعلي في سورية، الأمر الذي يهدد وجودها ومشاريعها الاحتلالية في سورية .
حول هذا الموضوع نشرت “فاينانشال تايمز” البريطانية:
“تقول أصلي أيدن طاشباش، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: ليس من صالح أنقرة تنفير روسيا منها، مشيرة إلى أن العلاقات ستتجاوز التوتر الأخير حول إدلب، وأضافت: تركيا ليست دولة تابعة لروسيا ولكنها أصبحت مدينة لها، ولا يمكنها أن تلغي كل شيء في أزمة واحدة”.
وفي “رأي اليوم” اللندنية جاء:
“من الصّعب علينا أن نتنبّأ بكيفيّة تطوّر المُواجهات العسكريّة على هذه الجبَهة التي تزداد سُخونةً، ولكن من الواضح أنّ استِمرار التدخّل العسكريّ التركيّ يعني الصِّدام بين تركيا وروسيا .. إنّها معركة كسر عظم، فمِن الواضح أنّ الجانبين الروسيّ والسوريّ ليسَا بصَدد التّراجع عن إكمال جُهودهما لاستعادة السّيطرة على إدلب، بينما يُريد الرئيس أردوغان تجنيب حُلفائه المُسيطرين عليها الهزيمة، ومُواجهة التصفية الدمويّة، وخاصّةً المُصنّفين على قائمة الإرهاب منهم”.
وورد في صحيفة “الخليج“:
“تتذرع أنقرة بأن روسيا لم تف بالتزاماتها عبر مساري أستانة واتفاقات سوتشي، لكن هذه الاتفاقات لم تمنع في أي وقت من الأوقات محاربة الإرهاب، ومنذ متى التزمت أنقرة أصلًا بهذه الاتفاقيات، فلقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة لحل مشكلة «جبهة النصرة» وحلفائها حيث كانت تسيطر على معظم محافظة إدلب وأجزاء من محافظتي حلب واللاذقية، ونزع سلاحها وإخراجها من المنطقة العازلة لكنها لم تفعل، وفي معظم الحالات كانت «جبهة النصرة» وحلفاؤها هم من يبادر إلى شن الهجمات ضد القوات الحكومية مستفيدين من سلسلة حلقات وقف إطلاق النار التي أبرمتها أنقرة مع موسكو.. اليوم يدفع عجز هذه الفصائل أنقرة إلى الزج بجيشها مباشرة لمحاربة الجيش السوري على أرضه في دعم واضح ومكشوف للإرهاب، لكن كل المؤشرات تدل على أن الجيش السوري الذي يقف الآن على تخوم إدلب لن يتوقف قبل استعادتها وإنهاء هذا الصداع مهما كان الثمن”.
بعد المتغيرات الميدانية المتسارعة التي تجري في إدلب لا بد أن تكون تركيا أدركت أن أولوية روسيا في سورية هي الحفاظ على علاقتها مع الدولة السورية وعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها هذه الدولة، وأن الاتفاقيات التي كانت تعقدها روسيا مع تركيا وتوافق عليها الدولة السورية، كانت مجرد فرص لأنقرة ومجموعاتها المسلحة لكن يبدو أن تركيا لم تُحسن استخدامها، كما تُظهر هذه المعارك بشكل واضح أن الدولة السورية بدأت تأخذ إجراءاتها المشروعة بخصوص الوجود التركي اللاشرعي في سورية، فالبداية كانت في إدلب والنهاية ستكون بإلغاء الوجود اللاشرعي بالكامل على الأراضي السورية.