أثر برس

ثلاثة يحكمون العالم “المال و الإعلام والسياسة”

by Athr Press Z

ماذا ستتابعون هذا العام في شهر رمضان المبارك؟ سؤال يتم طرحه في العالم العربي في شهر رمضان، حيث باتت البرامج والمسلسلات الرمضانية ضيف دائم يدخل كل البيوت، حيث يستغل صنّاع الدراما والإعلام الموسم الرمضاني كفرصة لتسويق إنتاجهم.

في نظرية سبق أن طرحها الفيلسوف الأمريكي أفرام نعوم تشومسكي، في كتابه “السيطرة على الإعلام” بعنوان “ديمقراطية المشاهد” التي تعتمد على مبداً صناعة الإجماع على فكرة أو قرار حتى لو لم يرغب الجمهور فيها، مشيراً إلى أنه اعتماداً على هذا المبدأ يتم تقسيم المجتمع إلى طبقتين، الأولى: طبقة قائمة بالفعل (النخبة المتخصصة) ، والثانية: طبقة المشاهد للفعل (القطيع الحائر والضال)، حيث كان لموسم الدراما الرمضانية هذا العام دور واضح لبعض المحطات الفضائية في التسويق لأفكار ومشاريع سياسية لتحقيق مصالح دول وأنظمة حاكمة.

وفي شهر رمضان الحالي لاقت بعض المسلسلات والبرامج الرمضانية ضجة كبيرة، منها لأسباب سياسية وأخرى لأسباب تتعلق بمبادئ وأخلاق مرتبطة بالنفس البشرية، مثل مسلسل “أم هارون” الذي عرضته قناة “mbc” وضجّت به وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، حيث بد واضحاً حجم الترويج لمفهوم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وتحويل بعض المصطلحات المعادية للقضية الفلسطينية إلى مصطلحات مستساغة لدى المشاهد إضافة إلى مسلسل “مخرج7” الكوميدي والذي سعى جاهداً إلى تداول مصطلح “دولة إسرائيل”.

لكن الأمر لم يقف عند تمرير الرسائل السياسية، فهناك برامج إعلامية ومسلسلات إذا نظرنا لها بالقليل من الوعي نلاحظ مدى التخريب الذي تُحدثه في العقول البشرية وجرّها إلى القيام بأفعال مخالفة للأخلاق إلى حد بعيد، وخير مثال على هذه البرامج برنامج “رامز مجنون رسمي” المليء بالسادية وإهانة الآخر وتعذيبه لينتهي المشهد بالضحك، ففي كل عام قناة “mbc” تعرض مثل هذه البرامج بالرغم من كافة الدعاوي القضائية التي ترفع ضد هذه البرامج.

ومن الواضح أن هذا النوع من البرامج يسعى لاختراق الجمهور العربي وإعادة برمجة قيمه وأخلاقه من جديد من خلال خطط مدروسة، فوسائل الإعلام هذه لن تستطيع تحقيق مصالح أصحابها، إلا من خلال الرسائل غير المباشرة والضمنية التي حملتها البرامج والمسلسلات التي عرضتها على مدار سنوات بطريقة ممنهجة، تم خلالها استهداف الطبقة البسيطة من الجمهور العربي لتؤثر به وتوجهه بالطريقة التي تناسب حاكمي هذه الوسائل.

وبهذا نكون أمام حقيقة واضحة، وهي أن بعض وسائل الإعلام العربية محتكمة بشكل كامل لسلطات توجهها وتوظفها لخدمة أهدافها، وذلك من خلال ضخ مبالغ كبيرة للترويج لها وتوسيع رقعة انتشارها، بعض أن تضمن احتواءها على البرامج التي تخدم أهدافها بطريقة احترافية وممنهجة ومدروسة.

وفي هذا الصدد يوجد لتشومسكي مقولة شهيرة  يقول فيها: “ثلاثة يحكمون العالم: السياسة والمال والإعلام”  وبالنظر إلى الواقع العربي نجد أنه فعلاً يتم تطبيقها، فالرسائل التي تمررها بعض وسائل الإعلام العربية لجمهورها هي نتيجة عمل وجهد على مدار سنوات لتتمكن خلالها من اختراق الجمهور العربي ودس أفكارها في عقوله، لتحولهم إلى أشخاص يسهل التحكم بهم والسيطرة عليهم وتلغي عندهم حالة التعلق والحفاظ على مبادئهم وأخلاقهم، إلى أن وصلت إلى مرحلة تتمكن خلالها من إرسال رسائل مباشرة إلى هذا الحد كما هو الحال في مسلسل “أم هارون” و”مخرج 7″.

وبهذه الحقائق نجدنا أنفسنا اليوم أمام خطر يدخل بيوتنا ليخترق عقول الأجيال من خلال تفاصيل صغيرة وبسيطة جداً، خصوصاً وأن الأمر لم يعد يقتصر على شاشة التلفاز فحسب، فالسم المدسوس في المادة الإعلامية التي تقدمها بعض وسائل الإعلام موجود في وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، لذا فإن هذا الواقع يحتّم علينا أن نكون أكثر وعياً وحذراً، للمحافظة على مبادئ وقيم انتهاءها يعني انتهاء وجودنا أو ربما قيمنا.

زهراء سرحان

أثر برس

اقرأ أيضاً