نشرت صحيفة “الغارديان” مقالاً للصحفي “تشارلز غرانت” يتحدث فيه تأثيرات فيروس كوفيد-19 على العالم ودول الاتحاد الأوروبي ومن المبكر الحكم على التأثير الكامل للجائحة.
وجاء في المقال:
بإمكان الشخص تمييز ستة توجهات سلبية في أوروبا، برزت هذه كلها قبل انتشار الفيروس ولكنها تسير الآن بشكل متسارع، وبأشكال مختلفة وتساعد موقف الشعبويين المعارضين للاتحاد الأوروبي.
إن كوفيد-19 منح المنادين بالاكتفاء الذاتي القومي والأوروبي ذخيرة إضافية، فقبل وصول كورونا بزمن كان هناك حديث عن “التراجع عن العولمة” و”إعادة سلاسل الإمداد إلى الداخل”.
ونجم ذلك بشكل جزئي عن السياسة، فقد هددت سياسات ترامب الحمائية سلاسل الإمداد الدولي وكذلك سعي المملكة المتحدة للخروج من الاتحاد الأوروبي.
والاقتصاد أيضاً له أهمية، فروق الأجور بين الاقتصادات النامية مثل الصين والدول الغنية بدأت تتضاءل، ما يقلل من فائدة التصنيع في الخارج.
وتسبب القلق الآن بشأن أمن إمدادات الأدوية، والأجهزة الطبية وحتى القطع لصناعة السيارات، إضافة إلى المزيد من التشكك بالشركات الصينية، بدعم الدعوة للمزيد من استقلالية سلاسل الإنتاج على المستوى القومي أو الأوروبي.
ومن التداعيات، تلك التي تتعلق بالنفوذ الذي تحظى به العواصم القومية مقابل مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وتقوم العواصم الرئيسية بفرض سلطتها في الأوقات الصعبة، وهذا ما فعلته قبل عشرة أعوام خلال الأزمة المالية وأزمة منطقة اليورو، عندما كان عليهم تقديم أموال لإنقاذ الاقتصاد.
والآن كررت نفس الفعل، وكان من الصعب على المفوضية الأوروبية إبقاء الدول السبع والعشرين معاً وأن تنسق تعاملها مع كوفيد-19، ليس فقط لأن كل السلطات المتعلقة بالصحة والسياسات المالية والحدود بيد الحكومات القومية ولكن أيضاً لأن الكثير من الناس ينظرون إلى زعمائهم القوميين لتجاوز الصعوبات.
وتابع قائلاً إن الاتحاد الأوروبي يقوم بتقوية حدود منطقة شنغن منذ عام 2015 عندما ارتفعت أعداد الباحثين عن اللجوء في أوروبا بأعداد كبيرة.
وفي آذار قامت دول الشنغن بإغلاق حدودها الخارجية للمسافرين إلا للضرورة، ونشأت المزيد من العراقيل أمام السفر داخل دول الشنغن. وستصل الحكومات في وقت ما إلى السيطرة على الفيروس ولكنهم سيكونون حذرين من تخفيف الإجراءات على حدود الشنغن.
فلن يرحب بالزوار القادمين من بلدان حيث لا يزال المرض متفشياً.
وسيسعى الكثير من السياسيين لجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين.
ويجب ألا يرحب بأي من هذه التغيرات. فإن بالغت أوروبا بالدفع نحو الاكتفاء الذاتي فإنها ستضر بالمنافع التي تعود بها التجارة على كل القارات. وإن إغلاق الحدود داخل منطقة الشنغن بعد أن تتم السيطرة على كوفيد-19 لن يحقق الكثير.
وعندما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات عابرة للدول مثل الركود الاقتصادي أو جائحة أو تغيراً مناخياً فإنه بحاجة إلى مؤسسات مركزية قوية.
يجب على زعماء الاتحاد الأوروبي ألا يخففوا من جهودهم في معالجة التحول المناخي.
كما أن الصدع بين الشرق والغرب الأوروبي مقلق ولا يمكن حله بالسماح بتجاهل حكم القانون.
أما بالنسبة للانقسام الشمالي الجنوبي فإنه يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يفعل ما يكفي لإيطاليا وغيرها من الدول في منطقة اليورو.
ولكن سياسة الانقسامات غير المحلولة قد تصبح سيئة جداً وقد تزيد من مشاعر الكراهية للاتحاد الأوروبي في دول الاتحاد، وقد تؤدي في النتيجة إلى أن مغادرة دول الاتحاد الأوروبي أو منطقة اليورو.