لطالما شكلت دول الخليج العربي من بينها دولة الإمارات محفظة جانبية للخزينة الأمريكية كانت تسحب منها أموالاً بعد خلق فرضيات سياسية وأخرى عسكرية، تارةً تكون تلك الأموال تكلفة للحماية وتارةً أخرة تكون على شكل صفقات بيع أسلحة، اليوم يبدو بأن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب الذي أثبت أنه يهتم بالمصالح الإسرائيلية أكثر من المصالح الأمريكية قررت أن تورث كيان الاحتلال أجزاء من تلك المحفظة لتتكدس الأموال “الإسرائيلية” أكثر وأكثر في البنوك الدولية ويزداد الفقر أكثر وأكثر في البلاد العربية.
وقال رئيس حكومة الكيان “بنيامين نتنياهو” إن الثمار الأولى لاتفاق “السلام” الذي وقعته دولة الإمارات مع الكيان الإسرائيلي يوم الخميس الفائت هي استثمارات إماراتية كبيرة جداً في “إسرائيل” تساعدها في أزمتها الاقتصادية الحالية، ليبدو أنه “سلام اقتصادي” عكس ما تروج له الإمارات بأنه “سلام” للفلسطينيين وإنهاء لعملية الضم.
بالتوازي مع المكاسب الاقتصادية التي سيأخذها الكيان الإسرائيلي من هذا الاتفاق فمن المعروف “المصلحة الأمريكية “منه والتي تصب في مقدمتها بحملة ترامب الانتخابية الذي يبحث عن أي نجاح له بالسياسة الخارجية بعد فشله في إخضاع إيران عبر الخروج من الاتفاق النووي وعدم قدرته على الحد من التنامي الاقتصادي الصيني وفشلة في التأثير على ملف كوريا الشمالية ليحاول قبيل الانتخابات تحقيق أي نصر في السياسة الخارجية يساعده في انتخاباته المقبلة والأمر مشابه إلى حد كبير لرئيس حكومة الكيان “نتنياهو” في صراعه مع خصومه الداخليين، إذ يسمح له الاتفاق بأن يظهر وكأنه رجل سلام، وأنه مخلص لـ”إسرائيل”، لكن السؤال ماذا ستستفيد الإمارات من هذا الاتفاق؟
يبدو أن دولة الإمارات تأمل بما قاله الخبراء بأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الكيان الإسرائيلي والإمارات قد يمهد الطريق أمام بيع الولايات المتحدة مزيداً من الأسلحة للإمارات ويمنحها ما يوصف بـ”تفوق عسكري نوعي”، وفي هذا الصدد قال سفير الولايات المتحدة لدى الكيان الإسرائيلي، ديفيد فريدمان، في تصريح صحفي لوكالة “رويترز”: “كلما أصبحت الإمارات صديقة لإسرائيل وأصبحت شريكة لإسرائيل وأصبحت حليفاً إقليمياً للولايات المتحدة، أعتقد بوضوح أن هذا سيغير تقييم التهديد وقد يعمل في صالح دولة الإمارات” فيما يتعلق بمبيعات السلاح في المستقبل.
لكن كل تلك الادعاءات والتوقعات سرعان ما تحدثت عكسها وسائل الإعلام العبرية حيث نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية عن مسؤولين “إسرائيليين” أن حكومة تل أبيب طلبت من الولايات المتحدة عدم بيع طائرات “أف 35” حتى بعد تطبيع العلاقات بين الجانبين والتي سعت الإمارات منذ سنوات للحصول عليها، وأضافت الصحيفة، أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وافق على بيع معدات تكنولوجية متطورة للإمارات ضمن اتفاق التطبيع، لكنه شدد على عدم بيع الطائرات الأمريكية”، ليبدو أن ما سيباع للإمارات أسلحة غير نوعية ستقابلها ملايين الدولارات من الخزينة الإماراتية.
قد يكون ما قالته مستشارة الرئيس بثينة شعبان حول عدم التزام الكيان بالاتفاقات هو خير دليل على ما ذكرناه سابقاً عندما قالت قبل أيام في تصريح صحفي “بالنظر إلى الدول التي طبعت مع إسرائيل.. ماذا نفذت إسرائيل من كل الاتفاقيات الموقعة سابقا، من اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو وكذلك الاتفاق مع الإمارات؟ وما هي مصلحة دولة الإمارات؟”.
حكام الإمارات يدعون بأن هذا الاتفاق يأتي من أجل السلام ومنع عملية الضم محاولين الحفاظ على شيء من ماء وجههم بعد إدراكهم لحجم ما قاموا به تجاه الفلسطينيين لكن “نتنياهو” فضح كل تلك الادعاءات عندما قال بتصريح لصحيفة “إسرائيل هيوم”: “لم يأتوا من أجل السلام أو إيقاف الضم في الضفة، بل لأنهم رؤوا في إسرائيل بقيادتي حليفة لهم ضد إيران”، قد يكون تصريح “نتنياهو” هو ما يفسر تلك المجريات، لكنه بالمقابل يطرح هذا التصريح تساؤل أعمق منه وهو، من الذي أقنع الإمارات ودول الخليج بأن إيران هي عدوهم الأول؟ ولمصلحة من هذا الشيء؟
رضا توتنجي