نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالاً للكاتب “إزدين فاشير”، وصف فيه تطبيع دول الخليج مع “إسرائيل” بأنه “خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ”.
وقال الكاتب في مقاله، إن جوانب الاتفاقات تلك، بما في ذلك الإيجابية منها وفق المعلقين الأمريكيين، لن تعيش طويلًا، معتبراً أن “غلاف السلام” يخبئ تحته أربع ديناميكيات “شنيعة” تفوق المجاملات بين الحكومات العربية والاحتلال.
وأوضح أولاً أن ما يسمى “اتفاق أبراهام” لم ينه صراعاً واحداً في الشرق الأوسط، فالإمارات والبحرين لم تكن لديهما علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” ولكنهما لم تكونا في حالة حرب معها.
وفي الواقع، تعاون البلدان الخليجيان سراً مع الاحتلال على مدى سنوات، فيما الصراعات الحقيقية الدائرة بالمنطقة هي في اليمن وسورية وليبيا ولبنان حيث تؤيد الإمارات والسعودية فصائل تقاتل أخرى تدعمها قطر وتركيا.
تطبيع دول الخليج مع “إسرائيل” واتفاقيات “السلام” تلك لا تقربنا خطوة واحدة من إنهاء الصراعات الحقيقية، بل على العكس من المحتمل أن تعمقها أكثر عندما يصبح التحالف بين الاحتلال وبين السعودية والإمارات ضد إيران، الذي بات لحد الآن تحت الطاولة، واضحاً.
وأضاف موضحاً: “أي أن هذه الاتفاقيات تفتح الباب لـ”إسرائيل” أن تصبح شريكاً أكبر في حرب دول الخليج العربية ضد إيران وأحيانا تركيا”.
وثانياً، فإن تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع حكومة الاحتلال دون اتفاقية بين الأخيرة والسلطة الفلسطينية يضعف احتمال حل الدولتين.
وكان الاعتراف العربي الواسع بـ”إسرائيل” واحتمال التعاون والشراكة التجارية أحد المحفزات القليلة الباقية لدفع الاحتلال نحو تقديم تنازلات للفلسطينيين، وكانت تلك هي الفكرة من مبادرة السلام العربية عام 2002.
وثالثاً، سيؤدي شعور الفلسطينيين العميق بالخيانة إلى المزيد من التطرف”، بحسب الكاتب، الذي أضاف: “سيقوم ذوو التوجهات الليبرالية باستبدال حلم الدولة بحركة حقوق مدنية تعمل للحصول على حقوق متساوية لجميع من يعيشون تحت السيطرة “الإسرائيلية”، وهو ما يتوقع أن يعمق من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر”.
وتابع: “أما الفلسطينيون الأقل ليبرالية فسوف يتأكد صحة موقفهم من أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد.
وأخيراً فإن تطبيع دول الخليج مع “إسرائيل” سيزيد من الهوة بين الحكام العرب وشعوبهم، فلطالما بقيت الشعوب العربية معادية للاحتلال، فيما غذت الأنظمة العربية هذا العداء لصرف الأنظار عن فشلها.
وأضاف: “وعندما أحست هذه الأنظمة لاحقاً بالحاجة للاعتراف بـ”إسرائيل” قيدهم العداء الذي رعوه بين شعوبهم.
وكانت اتفاقية سلام مع الفلسطينيين تؤدي إلى دولة فلسطينية لتوفر لهم ورقة التوت التي يحتاجونها، وفي غياب ذلك فإن التطبيع مع إسرائيل يعتبر خيانة واضحة – ليس من الفلسطينيين فقط، ولكن أيضاً للطموحات والكرامة العربية”.
وشدد الكاتب على اعتبار أن هذا المشهد سيصب الزيت على نيران مشاعر عدم المساواة والفساد والتمييز الطائفي والاثني، ويفاقم مخاطر زعزعة استقرار الأنظمة.
وما لم تستطع الإمارات والبحرين القيام بمعجزة بتحويل عملية التطبيع إلى إحياء للمبادرة العربية للسلام وتساعدا على جلب الفلسطينيين و”الإسرائيليين” أقرب لحل الدولتين فإن الأمر سينتهي بهاتين الاتفاقيتين إلى تقويض أمن جميع اللاعبين في الشرق الأوسط.