في خطوة لا يزال يحيطها الغموض، يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإحداث تغييرات عميقة في البنتاغون في الوقت بدل الضائع من فترة ولايته، في تطور تضاربت فيه آراء الخبراء حول الهدف منه في مثل هذا التوقيت.
تغيراتٌ نصّبت شخصيات أكثر ولاء للرئيس الأمريكي الذي تفصله أسابيع قليلة عن تسليم السلطة، بالتوازي مع عودة حديث ترامب القديم بسحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، حيث قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، كريستوفر ميللر، في رسالته الأولى إلى القوات الأمريكية بعد تعيينه من قبل ترامب، إنه “حان وقت العودة إلى الوطن”، وأضاف ميللر في مذكرة أرسلها إلى جميع العاملين في وزارة الدفاع: “يجب أن تنتهي كل الحروب… إنهاء الحروب يتطلب التنازلات والشراكة، لقد واجهنا التحدي، أعطيناها كل ما لدينا، حان وقت العودة إلى المنزل الآن”.
بالتوازي مع ذلك نقلت شبكة “سي إن إن” يوم أمس عن مسؤولين وصفتهم بالمطّلعين قولهم إن أوامر صدرت لوزارة الدفاع “البنتاغون”، بتقليص عديد القوات الأمريكية في أفغانستان حيث يوجد 4500 جندي، والعراق حيث يتمركز 3000، إلى 2500 في كلا البلدين خلال الفترة المتبقّية من عمر الإدارة، وأوضحت “سي إن إن” أن هذه الخطوة تتعارض مع توصيات القادة العسكريين الأمريكيين الذين جادلوا منذ فترة طويلة بأن أيّ انسحابات إضافية من البلدين، يجب أن تكون قائمة على شروط وأن الوضع لا يستحق حالياً، تقليصاً إضافياً للقوات.
هذا الانسحاب الذي يبدو أنه سيبدأ بتخفيض عدد القوات يضع المنطقة أمام مرحلة جديدة، في توزع القوى في المنطقة لكنه يضع تساؤل ملفت وهو ماذا سيكسب ترامب مقابل ذلك؟
يرى بعض الخبراء بأن ترامب يريد الانسحاب لإحراج الإدارة الديموقراطية المقبلة التي تريد بأيّ ثمن البقاء في المنطقة، ويسندون ذلك الإجراء إلى “نكايات” ضمن الإدارتين الجمهورية والديموقراطية لكن السؤال ماذا عن أمن “إسرائيل” الذي يوليه ترامب اهتمام أكثر من أمن أمريكا ؟
قد تكون تلك الإجراءات التي يقوم بها ترامب مقدمة لخطوات ينوي القيام بها، خصوصاً بعد التقرير الذي تحدثت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية وقالت فيه نقلاً عن مسؤولين أمريكيين بأن ترامب سأل إدارته مؤخراً بشأن إمكانية توجيه ضربة إلى إيران، مشيرةً إلى أن ترامب عقد اجتماعاً مع كبار مستشاريه يوم الخميس الماضي، وأبدى اهتماماً بإمكانية توجيه الضربة العسكرية إلى أكبر منشأة نووية إيرانية في نطنز خلال الأسابيع القادمة، لكن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية حذروا ترامب من عواقب مثل هذه الخطوة.
ورجحت مصادر الصحيفة أن ترامب لا يزال يدرس الإمكانيات “للرد” على زيادة إيران من مخزوناتها من اليورانيوم.
لا يستطيع أحد أن ينكر حجم التسلط الإسرائيلي على ترامب خصوصاً وأنه من المنطقي أن يسعى الكيان الإسرائيلي للاستفادة من وجود الرئيس المتهور في البيت الأبيض لخدمة مصالحه خلال الأيام الأخيرة من ولايته، لدفعه للقيام بسلوك لا تستطيع هي القيام به، لذلك قد يكون هذا الانسحاب أو تخفيض القوات يأتي كأجراء دفاعي لحماية الجنود الأمريكيين من رد الفعل الإيراني في حال القيام بمثل هذا الاستهداف، وعلى الجهة المقابلة قد تكون تلك الإجراءات هي فقط بهدف كسب الجمهور الداخلي الأمريكي في حال وجود نية للرئيس الأمريكي للترشح للانتخابات في عام 2024.
أسابيع قليلة ستظهر ما يخطط له ترامب لكن حديث مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، جون بولتون الذي كان مقرب من ترامب يبدو أنه الأصح عندما قال إن ترامب “لن يرحل بهدوء”.
رضا توتنجي