في اتفاق يختلف في الشكل والمضمون عما سبقه من اتفاقات مماثلة، لازالت تسوية درعا حجر عثرة أمام هدوء المشهد في الجنوب السوري، ومحط تجاذبات وحسابات إقليمية ودولية معقدة، فبعد عامين على عقد “تسوية 2018” لاتزال تشكيلات عسكرية متعددة التبعيات تحتفظ بمعاقل لها ضمن مناطق خارجة عن سيطرة الدولة السورية، لتشكل تلك المناطق منطلق تهديدات تهدف لإبقاء المنطقة التي تحمل أهمية جيوسياسية تحت مظلة الفلتان الأمني.
عاما التسوية لم يكونا كفيلين بحلحلة عقدة درعا وضم المدينة التي شهدت انطلاق شرارة الأحداث الدموية في سورية عام 2011، إلى ركب المناطق التي عاد إليها الهدوء. حيث جرى مؤخراً الحديث عن التوصل لتسوية جديدة في درعا، المعلومات التي نفتها مصادر ميدانية لـ”أثر برس” والتي أكدت أن ما يجري هو استكمال لسلسلة من اللقاءات التي لم تنقطع، والتي تهدف إلى بحث استمرار وجود السلاح إلى اليوم في بلدات (درعا البلد، طفس، بصرى الشام)، وفي هذا السياق رأى عضو مجلس الشعب عن محافظة درعا خالد العبود في حديث مع “أثر برس” أن المناطق الثلاث مركبة لإنهاك الدولة السورية، جازماً بوجود “أيادٍ خارجية فيها”.
العبود رأى أن الخطأ الأساسي الذي أدى إلى فشل اتفاق التسوية إلى اليوم، هو تقييم الطرف الروسي القائم على مبدأ “نديّة المسلحين للدولة في الجنوب”، في حين أنه لا وجود لطرفين في المنطقة الجنوبية، وإنما الدولة إلى جانب فصائل مسلحة متعددة التبعيات تحركها حسابات إقليمية، إضافة إلى دور للكيان الإسرائيلي في توتير الحالة الأمنية، وشدد العبود على أنه لابديل عن دخول الدولة إلى كل شبر في محافظة درعا، محذراً من استمرار تدهور الأوضاع الأمنية مالم يتم ذلك.
وفي إجابته حول سؤال لماذا لا تحسم الدولة السورية ما يجري في درعا قال العبود: “الدولة السورية قادرة لكنه ليس لصالحها اليوم أن تحسم الجنوب في ظل وجود صديق لها يشرف على اتفاق هي طرف فيه”، مضيفاً: “من يحسم ما يجري في الجنوب هو روسيا بالسياسة وليس بالعسكرة، والمشهد سيبقى على ما هو عليه حتى يدرك الروسي أنه لم يقم باتفاق بين طرفين بل بين الدولة وأبناءها”.
وكانت أشارت تقارير صحفية مؤخراً إلى وجود دعم مالي تقدمه الإمارات لتشكيلات عسكرية ضمن المناطق التي لم تدخلها الدولة السورية وهو ما لم ينفه عضو مجلس الشعب مشيراً إلى أن ذلك يتم بطلب من الكيان الإسرائيلي في ظل التقارب الحاصل بين الإمارات والكيان عقب اتفاق التطبيع.
وشهدت محافظة درعا خلال الأشهر الأخيرة العديد من الأحداث الأمنية التي شملت شن هجمات على مواقع للجيش السوري وعمليات تصفية واغتيالات وخطف لمدنيين لابتزاز أهالي المحافظة.
رضا توتنجي