أثر برس

“خبز التنور”.. الملجأ البعيد عن البطاقة الذكية

by Athr Press G

خاص|| أثر برس في مناطق متفرقة من ريف دمشق، تنتشر محال بيع “خبز التنور” التي باتت تشهد إقبالاً من قبل السكان مع وصول أسعار ربطة الخبز العادي المعروف باسم “المرقّد“، لـ 1000 ليرة سورية في السوق السوداء، ويعتبر زبائن “التنور”، أن هذا الخبز أكثر جودة وأوفر، لكونه يُنتج بمعايير أكثر دقة من الأفران العادية.

يبلغ سعر ربطة خبز التنور ما بين 1500 – 2000 ليرة سورية بحسب ما تحتويه من أرغفة، وعموماً يمكن الحصول على عدد أرغفة حسب الطلب وبسعر 100 ليرة سورية للرغيف الواحد، وهي أسعار يجدها زبائن “التنور” رخيصة قياساً بالجودة، ولا يعتمد الزبون على حظه ليحصل على خبز غير ناضج بشكل جيد ويوصف بـ “معجن” أو محروق، أو خبز يجف سريعاً ويتحول لقطع يابسة بسبب نقص الخميرة، فـ “التنور” يحافظ على زبائنه من خلال “جودة المنتج” فقط.

ويتندر أحد السكان في “جديدة عرطوز”، بالقول لـ “أثر برس”: إن “خبز التنور يشبّع بينما خبز الأفران العادية.. ما بتلحق تخلص الرغيف إلا ويكون يبسان”.

يتحدث أحد الزبائن عن كون “التنور الديري”، يعطيه ما يريد من الخبز دون الحاجة لـ “بطاقة ذكية”، تفاجئه برسالة تفيد بشرائه ثلاث ربطات في حين أنه يشتري واحدة أو اثنتين، فالأمر بالنسبة له عملية احتيال من قبل العاملين في الأفران ليتمكنوا من توفير الخبز للباعة الواقفين عند أبواب الفرن ومفارق الطرق، ويقول أيضاً “الخبز من التنور يباع بالرغيف وأنت تعرف مسبقاً أن الكمية ستصل كاملة دون انتقاص أي منها كما يحدث في بعض الأفران التي باتت الربطة فيها ٧ أرغفة، والربطتين ١٣ رغيف، هناك دائماً رغيف مفقود، وعلى الرغم من كون البيع من الأفران يتم وفق وزن لا عدد، إلا أن الزبون لا يمكنه حمل ميزان ليقارن ما حصل عليه بما يجب الحصول عليه”.

تضيف” أم مجد”، القاطنة في مدينة جرمانا بريف دمشق، بأنها تعتمد خبز التنور بدلاً من الخبز العادي لكونه يحقق وفراً في الاستهلاك قياساً بالخبز العادي، ويعد نوعاً من الاحتفاء بالضيف إذا ما وضع على مائدة الطعام حين إقامة “عزيمة عشاء أو غداء”.

لا يرتبط سعر خبز التنور بأسعار المحروقات فالعمل يعتمد على سعر الحطب الذي بات بـ 852 ليرة سورية للكيلو الواحد في بعض المناطق، وهو مرشح للارتفاع مع اقتراب موسم الشتاء، والخوف هنا من تحوله لبضاعة مفقودة قد تؤثر على استمرارية الإنتاج أو الأسعار، ويقول صاحب تنور في “جديدة عرطوز” لـ “أثر برس”، بأنه يتخوف من دخول الحطب في قائمة الأزمات التي قد تؤثر على رزقه المعتمد على هوامش ربح لا تزيد عن 10 – 15 بالمئة بعد حساب كل التكاليف.

تسول أم تجارة؟

ظهرت أساليب جديدة من قبل بعض باعة الخبز الذين غالباً ما يكونوا في عمر المراهقة، فالزبون الذي يجد بائع خبز يقدم بضاعته بسعر 750 ليرة للربطة، سيتفاجأ بأن فارق السعر نتج عن كون الربطة مؤلفة من 6 أرغفة فقط، ويعتمد هؤلاء على أن غالبية زبائنهم يكونوا ضمن سياراتهم الخاصة التي من الصعب أن تجد لها مكاناً للركن غير المأجور أو غير المخالف، وبعملية حسابية فإن دفع 500 ليرة سورية لركن السيارة أو مخالفة مرورية بقيمة كبيرة، ستزيد من قيمة ربطة الخبز لتصل لسعر السوق السوداء، لذا يفضل توفير الوقت ودفع الفارق للبائع بدلاً من “الانتظار على الدور”.

إضافة لذلك، فهناك أطفال يعملون في بيع الخبز بطريقة أشبه للتسول، فالوقوف مثلاً لشراء ربطة خبز من “أوتستراد الفيحاء”، أو مفرق “جديدة عرطوز”، سيعني تجمهر عدداً من الصبية حاملين لربطات الخبز متسابقين في طريقة استعطافك كزبون لتشتري منه دون سواه، وغالبيتهم من المتسربين من المدارس أو ممن لم يزرها قط.

البركة ع الكل:

تنتج أفران التنور “المناقيش”، لتدخل خط المنافسة مع محال بيع المعجنات، ويعتبر زبائن هذه المادة أن الحصول على “رغيف زعتر” بسعر ٥٠٠ ليرة سورية أفضل من الحصول على عدة مناقيش زعتر من المحال الأخرى، فالتنور يخبز لك لحظة طلبك ولا يعتمد إنتاج كميات يعود لـ” تسخينها” بعد طلب الزبون، كما أن ميزان النكهة يميل لصالح التنور من وجهك نظر المستهلكين.

وغالباً ما يجد أحد “الغلابة”، مكاناً للرزق بالوقوف مع دراجة هوائية محملة بـ “ترامس”، الماء الساخنة ليبيع كؤوس الشاي لزبائن التنور ليكتمل طقس اللذة بفطور يحمل الريف إلى زحام المدن الكبرى.

لا يشتكي أصحاب التنور من وجود بائع للشاي قرب محالهم، ولا يفكرون في بيع المشروب الذي يضيف لنكهة منتجهم لذة إضافية كما يفعل غالبية أصحاب محال “المناقيش”، العادية، ويقول “أبو محمد” الذي وفد دمشق نازحاً من ريف دير الزور الشرقي قبل 6 سنوات ليفتتح تنوره البسيط، بأن “البركة تعم على الجميع والرزق على الله”.

 

اقرأ أيضاً