زياد غصن- خاص|| أثر برس لا تبدو المؤشرات حتى الآن مشجعة على صعيد الإنتاج الزراعي لهذا الموسم، فالهطولات المطرية المسجلة حتى نهاية الشهر الماضي لا تزال متدنية جداً، وهذا ما انعكس سلباً على حجم المساحات المزروعة بمختلف المحاصيل الشتوية، حيث تؤكد بيانات وزارة الزراعة أن نسبة المساحات المزروعة بمحصول القمح لم تتجاوز لغاية السادس من هذا الشهر 18% مقارنة مع المساحات المخطط زراعتها، وانخفضت النسبة إلى حوالي 8% بالنسبة للمساحات المزروعة بالبقوليات الغذائية، في حين ارتفعت إلى حوالي 27% للشعير، و53% للبطاطا الخريفية.
ومع أن توقعات التنبؤ الجوي تشير إلى أن إمكانية أن تكون الهطولات المطرية في شتاء هذا العام مساوية لهطولات العام الماضي أو تزيد عنها بما لا يتجاوز 10%، إلا أن المعنيين في وزارة الزراعة لا يطمئنهم هذا الكلام، فما يهمهم لم يعد هطول الأمطار والثلوج فقط، وإنما توزعها في ضوء المتغيرات المناخية المتسارعة، لاسيما في ظل الهطولات المسجلة لغاية تشرين الثاني الماضي، إذ تُظهر البيانات الرسمية أن متوسط كمية الأمطار الهاطلة في دمشق مثلاً خلال الفترة المذكورة لم تتجاوز 10ملم، في حين أن الفترة نفسها من العام الماضي كانت قد شهدت هطولاً مطرياً بلغت كميته 85 ملم، درعا 13 ملم مقابل 55 ملم في العام الماضي، حماة 29 مقابل 76، وطرطوس 38 مقابل 178 ملم، الأمر الذي يؤكد وجود تراجع واضح وكبير في كمية الهطول المطري لجميع المحافظات خلال شهر تشرين الثاني للموسم الزراعي 2021-2022 مع متوسط كمية الهطول المطري للشهر المدروس للموسم الزراعي 2020-2021 للمحطات المطرية نفسها، وهذا أدى إلى انخفاض نسبة المساحات المنفّذة من المحاصيل الشتوية وفقاً لما أظهرته البيانات المذكورة أعلاه.
كما أن مقارنة النسب المئوية للمخزون المائي للسدود في المحافظات خلال شهر تشرين الثاني لعامي 2020 و2021، تظهر هي الأخرى حجم التأثيرات الناجمة عن تدنّي الهطولات المطرية، فمثلاً وصلت نسبة المخزون المائي للسدود في محافظة درعا خلال الشهر الفائت حوالي 3% مقارنة مع 11% للشهر نفسه من العام الماضي، وفي الحسكة كانت النسبة 30% مقابل 54%، حماة 14% مقابل 20%، حمص 28% مقابل 50%، ريف دمشق 3% مقابل 6%. مع الإشارة إلى أن المقارنة لو أجريت مع الشهر نفسه من عام آخر كان جيداً لناحية الهطولات المطرية، لكانت النتائج مختلفة تماماً، أو أنها كشفت بوضوح أكثر عن تأثير تدنّي الهطولات المطرية خلال الشهر المذكور من عامي 2020و2021.
إذاً… هل نحن على أعتاب عام آخر من الجفاف؟
كما ذكرنا سابقاً، فإن المؤشرات المسجلة خلال شهر تشرين الثاني لهذا العام غير مطمئنة، وأياً كانت التوقعات للأشهر التالية من فصل الشتاء، فإن ذلك لا يمنع من العمل منذ الآن على استراتيجية طوارئ حكومية للحد من تأثيرات ما قد يحدث، لاسيما وأن خارطة قيم دليل الجفاف التي أجرتها وزارة الزراعة لشهر تشرين الثاني من العام الحالي مقارنة مع قيم متوسط العشرين عام السابقة لشهر تشرين الثاني تبين أن أكبر مساحة من البلاد تتبع صفّي الجفاف الشديد والجفاف الشديد جداً، وهذه المساحة توزعت في المنطقة الشرقية بمحافظاتها الثلاث (الحسكة، الرقة، ودير الزور)، وبادية حمص، حلب، إدلب، حماة، وأجزاء من درعا. ثم تأتي المناطق التي تتبع صف الجفاف المتوسط، وتشكل أجزاء من محافظات: الحسكة، الرقة، دير الزور، ريف دمشق، حمص، والسويداء. ثم صف لا يوجد جفاف، وهو الأقل مساحة من بين الصفوف السابقة، ويتبع له أجزاءً متفرقة في ريف دمشق، حمص، السويداء، حماة، حلب، وسرير نهر الفرات، وأجزاء من اللاذقية، طرطوس، درعا، والقنيطرة. أما في شهر تشرين الثاني من العام 2020، فإن الخارطة كانت تبين أن أكبر مساحة من القطر تتبع صف لا يوجد جفاف، أما صف الجفاف الشديد جداً فقد توزعت عليه عدة مناطق شمال القطر، خاصة في محافظة الحسكة بشكل واضح، وبعض المناطق المتفرقة من القطر.