خاص|| أثر برس تقف نرجس مع مجموعة من الفتيات الصغيرات بالقرب من “إشارة الجلاء” على أوتوستراد المزة في دمشق لتباغت سائقي السيارات بعرض شراء وردة حمراء منها لـ “تطعم أخوتها”، أو لـ “تشتري حليباً لأخيها الصغير”، لتسوق جملةً من التوسلات للسائق خاصة أصحاب السيارات الفخمة، فهم “دفيّعة”، من وجهة نظرها وشريكاتها في الإشارة.
ترفض الطفلة التي لا يزيد عمرها عن 12 عاماً أن تقول اسمها الحقيقي أو تكشف عن علاقتها بالرجل الأربعيني الذي يأتي قرابة الساعة 12 ليلاً ليصطحبها ومن معها من أطفال نحو المنزل بسيارة تكسي أجرة، وتصفه بأنه “يوصلها للمنزل فقط”، وعن سعر الوردة فإنها بحسب قناعة الزبون وكرمه، لكن يجب ألا يقل السعر عن 2500 ليرة سورية، فهو قيمة “رأس مال الوردة الواحدة”، ومن يعطيها مبلغاً أقل من هذا لا تعطيه الوردة، وتصف عملها بـ “الحظ”، فقد يكون الزبون كريماً وقد لا يكون.
تنتظر الفتيات أن يصبح لون الإشارة أحمراً ليركضن نحو الشبابيك المفتوحة للسيارات الفخمة، وكلما كانت السيارة كبيرة كلما كان صاحبها أكثر ثراءً وفقاً لتقديرهن، وسيكون الأمر أسهل لو كان إلى جانب السائق امرأةً، إذ يصبح الدعاء المعمول به لإحراج صحاب السيارة “الله يخلي لك ياها”، وغالباً ما ينجح الدعاء السحري في حشر الزبون في “خانة اليك”.
باعة الورد المتجولون في منطقة دمشق القديمة يفوق عددهم عدد محال بيع الورد في العاصمة، ولا تنحصر أعمارهم بالأطفال رغم أنهم الأكثر، ولن يكون غريباً لو لازمك أحدهم لمسافة طويلة وهو يتوسل لتشتري منه وردة، وغالباً ما يكون الزبون المستهدف من “العشاق”، والعاشق هنا أي شاب تسير برفقته فتاة، ويعد موسم الأعياد هو الأهم بالنسبة لبائعي الورد الذين ينتظرون انتهاء الحفلات في مطاعم باب شرقي وباب توما، ليتصيدوا زبائنهم في لحظة خروجهم من السهرة.
يكشف “محمد” أن مربحه اليومي يتراوح ما بين 25 – 35 ألف ليرة سورية يومياً، فهو يتسلم من “معلمه”، باقةً تحتوي خمسين وردة فقط، بـ “رأس مال”، قيمته 2500 ليرة للوردة الواحدة، وإن الورد الذي يبقى يُخصم من مرابحه إذا ما ذبل، ولهذا السبب يجهد في بيع وروده كلها قبل نهاية السهرات في دمشق القديمة، ولا يتحدث الطفل البالغ من عمره 14 عاماً بأي معلومة تتعلق بـ “معلمه”، إلا بكونه يشتري الورد له ويحاسبه في آخر الليل قبل إيصاله للمنزل، ويعمل مع “المعلم”، 12 طفلاً متوزعين في مناطق عدة من شوارع دمشق.
“نور” هو اسم اختاره الشاب الذي يحمل باقة ورد ليبيعها في شوارع باب شرقي بشكل مستقل، فهو غير “مرتبط بمعلم”، ويعمل لصالحه الشخصي، ويحصل على الوردة الواحدة من محال بيع الأزهار بمبلغ 1500 ليرة للجورية الحمراء، ويكشف عن اختيار هذا النوع واللون من قبل باعة الورد لكونه “الأنسب للعشاق”، ويتمكن من بيع ما بين 50 – 70 وردة في اليوم مستفيداً من الأسلوب، ويقول في حديثه لـ “أثر برس”، إنه يعمل في فترتين، الأولى صباحية يطوف خلالها في “حديقة تشرين”، باحثاً عن العشاق، ويقتنص فرصة وجود اثنين منهم في وضع يصفه بالمحرج (متعانقين أو يقبلان بعضهما)، ليقوم الشاب بصرفه سريعاً من خلال شراء الوردة، فيما تكون الفترة المسائية في باب شرقي غالباً، فمنطقة “باب توما” مزدحمة بالأطفال الذين يبيعون الورد.