خاص || أثر سبورت
أرخت الحرب الروسية الأوكرانية التي انطلقت شرارتها الفعلية قبل أسبوع وأيام أوزارها على الرياضة العالمية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، والتي كان تأثرها كبيراً وواضحاً من خلال جملة أحداث وقعت وقرارات تم اتخاذها كانت الكرة وجماهيرها المتضرر الأكبر، إذا ما ابتعدنا عن الأضرار الإنسانية والاقتصادية والسياحية والثقافية وغيرها.
وهيمنت أخبار الحرب على وسائل الإعلام وكانت الحدث الأبرز والأول في كل النشرات الإخبارية، وتابع الجمهور الرياضي تفاصيلها وبات ينتظر كل لحظة سماع خبر من هنا أو هناك يخص الرياضة.
وسبق الاتحاد الأوروبي وباقي الاتحادات المحلية المنضوية تحت رايته وأيضاً بعض الأندية كل المنظمات الأخرى في اتخاذ قرارات بعضها وقائية والأخرى بمثابة عقوبة، ولكنها في النهاية كانت رسالة إلى أن الرياضة يجب أن تلعب بسلام بعيداً عن الآلة العسكرية وما تلحقه من أذى بالبشرية وأيضاً لضمان سلامة الرياضيين.
الفيفا يعاقب روسيا:
أعرب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري-الإيطالي جاني إنفانتينو عن قلقه من الوضع “المأساوي والمخيف” في أوكرانيا واعتبر أن روسيا استعملت القوة.
وقال في مؤتمر صحافي: “لقد صُدمت بما رأيت، أنا قلق للغاية لهذا الوضع. فيفا يدين استعمال روسيا للقوة. العنف ليس حلاً أبداً. ندعو جميع الأطراف إلى استثباب الأمن من خلال الحوار البناء”.
وقرر الفيفا بعدها عدم إقامة أي منافسات دولية في روسيا وأن تخوض مبارياتها خارج أراضيها، كما منع استخدام اسم روسيا واستبدله بالاتحاد الروسي لكرة القدم واعتمد شعار الاتحاد الروسي بدلاً من علم البلاد.
روسيا خارج منافسات كأس العالم:
قرر الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم “فيفا” و”يويفا” رسمياً، اليوم الإثنين، تعليق مشاركات منتخبات روسيا والفريق الروسية في جميع المنافسات حتى إشعار آخر.
وأصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، بياناً عبر موقعه الرسمي، قال فيه: “بعد القرارات الأولية التي اعتمدها (فيفا)، واللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، والتي نصت على اتخاذ تدابير إضافية، قرر الاتحادين معاً، أن جميع الفرق الروسية، سواء كانت فرق وطنية أو أندية، سيتم تعليقها من المشاركة في كل من بطولات فيفا أو يويفا، حتى إشعار آخر”.
ويعني ذلك استبعاد منتخب روسيا من المشاركة في الملحق الأوروبي المؤهل لنهائيات مونديال قطر 2022، حيث كان من المقرر مواجهة منتخب بولندا في 24 آذار المقبل.
نقل نهائي كأس أوروبا:
وأعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) سحب تنظيم نهائي دوري أبطال أوروبا من مدينة سان بطرسبرغ الروسية ونقله إلى استاد دو فرانس في العاصمة الفرنسية باريس، كما قرر إقامة المباريات التي تشارك فيها الفرق الروسية أو الأوكرانية في ملاعب محايدة.
أضرار الأندية الروسية والأوكرانية:
سيواجه ناديا شاختار دونتسك وزوريا لوجانسك مصيراً مجهولاً في حال عدم اعتراف العالم باستقلال إقليمي دونتسك ولوجانتسك.
أما الدوري الروسي، فهو معرّض لفقدان محترفيه الأجانب الذين قد يغادرون إذا تم إعلان الحظر على روسيا، كما أن الحكام الروس مهددون بحظرهم من التحكيم في كل المسابقات الأوروبية وكذلك في المونديال المقبل.
الأضرار تطال الرياضات الأخرى:
بدأت الاضرار تطال رياضات أخرى، فقد تم الإعلان الرسمي عن إلغاء جائزة روسيا الكبرى للفورمولا 1، فيما ترددت اتحادات أخرى في تجريد روسيا من استضافة أحداث رياضية، إذ قال الاتحاد الدولي للكرة الطائرة أن الاستعدادات لبطولة العالم للرجال المقررة في روسيا بشهر آب تسير كما هو مخطط.
وقال الاتحاد الدولي للكرة الطائرة لرويترز: “نؤمن بأن الرياضة يجب أن تبقى دائماً منفصلة عن السياسة، نراقب الموقف عن كثب للتأكد من سلامة كل المشاركين في مسابقاتنا وهذه هي الأولوية لدينا”.
ومن المقرر أن تقام بطولات تابعة للاتحاد الدولي للتنس في روسيا وأوكرانيا هذا العام لكنه قرر تأجيل بطولة في أوكرانيا مقررة في نيسان المقبل.
وعلى صعيد كرة السلة، أعلن فريق برشلونة عدم سفر فريقه إلى روسيا لخوض المباراة المقررة ضد زينيت سان بطرسبرغ في الدوري السلوي الأوربي.
كما قررت رابطة الدوري الأوروبي لكرة السلة، نقل المباريات التي كانت ستقام في الأراضي الروسية إلى دول أخرى، وذلك في اجتماع لمسؤولي 18 نادياً يشاركون في البطولة.
وستلعب مباريات الفرق الروسية في بطولة الدوري الأوروبي (سسكا موسكو، زنيت سان بطرسبرغ، يونكس كازان) خارج روسيا.
بالإضافة إلى ذلك، ألغى الاتحاد الدولي للسباحة بطولة العالم للناشئين المقررة في كازان في روسيا في نهاية آب بعد بدء الحرب.
وقال الاتحاد إنه اتخذ القرار بإلغاء البطولة التي تقام كل عامين بعد مناقشات مع الرياضيين والشركاء.
وأضاف الاتحاد في بيان: “الاتحاد الدولي للسباحة لن يقيم أي منافسات في روسيا لو استمرت هذه الأزمة”.
وكان الاتحاد الدولي قد ألغى مباراة في الدوري العالمي لكرة الماء للرجال في سان بطرسبرغ الشهر المقبل بالإضافة إلى منافسات في الغطس والسباحة التوقيعية في كازان في نيسان.
الأندية الأوروبية تتحرك وتشيلسي تحت المقصلة:
ويبدو أن وضع نادي تشيلسي الإنكليزي حرجاً للغاية، إذ اضطر مالكه رومان ابراموفيتش لعرضه للبيع خاصة بعدما قررت الحكومة البريطانية منعه من دخول أراضيها بشكل نهائي، وسيتضرر النادي الإنكليزي من هذا القرار كون المالك هو أحد أثرياء العالم وساهم بنهضته الكروية، بعدما قدم له كل الدعم الممكن وتعاقد مع أفضل المدربين واللاعبين وحقق النادي في عهده جميع البطولات الممكنة، وقد تتحرك جماهير البلوز ضد هذا القرار لمعرفتهم بما سيؤول إليه حال ناديهم في حال تم بيعه.
ويذكر أن تشيلسي فاز في عهد إبراموفيتش بـ5 بطولات للدوري الإنكليزي ومثلها في كأس الاتحاد و3 في كأس الرابطة و2 بدوري أبطال أوروبا ومثلهما بالدوري الأوروبي ومثلهما في الدرع الخيرية وببطولة واحدة في كأس السوبر الأوروبي وببطولة واحدة أيضاً في كأس العالم للأندية.
ومن يقرأ هذه الأرقام سيدرك كم ستكون معاناة تشيلسي صعبة في المرحلة القادمة.
أما العملاق الإنكليزي الآخر مانشستر يونايتد، فقد أنهى صفقة رعايته مع الخطوط الجوية الروسية إيروفلوت بعد بدء الحرب مباشرة.
كما قرر نادي شالكه 04 الألماني هو الآخر إزالة شعار عملاق الطاقة المملوكة للدولة الروسية Gazprom من قمصانه.
ورفع ناديا نابولي وبرشلونة لافتة كتب عليها أوقفوا الحرب قبل لقاء الإياب بينهما في كأس الاتحاد الأوروبي الذي جرى مساء الخميس في نابولي بإيطاليا.
وفي نهائي كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة والجولات الحالية للدوري الإنكليزي رفعت الأندية لافتات تندد بالحرب وطالبوا بإيقافها، وفي باقي الدوريات الأوروبية نددت الفرق بالحرب وطالبت بإيقافها أيضاً.
الكيل بمكيالين:
ولأن الرياضة اعتادت أن يُكال بها بمكيالين، فلم نشاهد أي ردود أفعال أو عقوبات على ما قامت بها دول أخرى، فمرت الحروب التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها على العراق مرور الكرام ولم تستنفر الاتحادات الرياضية في العالم، وتعلن وقوفها لجانب الشعب العراقي الذي تعرض للمذابح وأصبحت أراضيه مسرحاً لتجارب الأسلحة وملعباً للإرهاب الممول من هذه الدول، ولم نشاهد أي رد فعل رياضي أيضاً على ما قام ويقوم به الكيان الصهيوني من جرائم وقتل بحق الشعب الفلسطيني، كما لم نشاهد أيضاً ردود أفعال وعقوبات وتحريض وتجييش على دول تقوم بتدمير وقتل شعوب لمجرد أن سياسة تلك الدولة لاتوافق سياستها، فيما استنفر العالم بأكمله وأصبح شغله الشاغل وهمه فرض العقوبات الرياضية على روسيا ومنتخباتها وأنديتها ورياضييها، وتناسوا أن الرياضة أهدافها أنبل وأسمى من أهدافهم وأنها يجب أن تبقى دائماً خارج مخططاتهم وحساباتهم السياسية، حتى تكون دائماً رسالة سلام بين الشعوب بعد أن فشلت السياسة بذلك.
محسن عمران